هل أفشلت القوات المشتركة إقامة دولة العطاوة والجراد الصحراوي في دارفور؟
عبدالغني بريش فيوف
مائة وثماني وثلاثين هجوم منذ مايو 2024 حتى اليوم، هو عدد الهجمات الجنجويدية على فاشر السلطان أو فاشر أبو زكريا، للإستيلاء عليها بغية تكوين دولة العطاوة الكبري فى دارفور.
في كل هجمة لميليشيا دولة العطاوة الدقلوية التي يرعاها عيال زايد آل نهيان على فاشر السلطان، كانت الهزيمة كبيرة وعظيمة، وبعد كل هزيمة عظيمة كانت الميليشيا تقوم بـ (فزعة) جديدة بتجميع عيال عُربان الشتات من تشاد وليبيا والنيجر وأفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو والكاميرون، للدفع بهم الى هجمة جديدة، لكن بعد كل “فزعة” جديدة، كانت الهزيمة مجلجلة حتى بلغ عدد الهزائم، مائة وثمان وثلاثين هزيمة حتى تأريخ كتابة هذا المقال.
إن حصار مدينة فاشر السلطان يشبه الى حدٍ كبير حصار لينينغراد الذي بدأ في الفترة ما بين 8 أيلول/سبتمبر 1941 إلى 27 كانون الثاني/يناير 1944، ويُعد حصار لينينغراد أحد أحلك فصول الحرب العالمية الثانية، إذ حاصرت القوات الألمانية والفنلندية التابعة للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر، مدينة لينينغراد السوفيتية، ما أدى إلى خسائر في الأرواح قُدّرت بـ 1.2 مليون شخص (منهم 140 ألف طفل)، خلال نحو 842 يوماً.
وكانت مدينة لينينغراد هي الهدف الأيديولوجي للعملية “بارباروسا” وكذلك هي مهد الثورة الشيوعية. وقد خطط أدولف هتلر للاستيلاء على المدينة وجعلها عاصمة لشرق أوروبا المحتلة.
وحدّد الزعيم الألماني النازي هتلر مهمة القوات الألمانية المحاصرة، وفقاً لجمعية تاريخ روسيا، في تدمير المدينة بقدر المستطاع من خلال القصف المدفعي والجوي، ودخولها في الربيع المقبل وترحيل من يبقون على قيد الحياة من سكانها إلى الأقاليم الروسية النائية أو احتجازهم كأسرى، ومحو المدينة من على وجه الأرض.
أصبح خطر المجاعة العدو اللدود للمدينة المحاصرة. وأظهرت دراسات أن القذائف والقنابل التي أمطر بها الغزاة المدينة المحاصرة قتلت 3% من ضحايا الحصار، بينما ذهب معظمهم ضحية نقص الغذاء.
على الرغم من الحصار، قاوم سكان لينينغراد بشجاعة. وواصلوا الإنتاج في المصانع والمؤسسات الحكومية. وقاموا بأعمال شاقة لتحسين الدفاعات الخارجية للمدينة.
وفيما بعد تمكنت من فك الحصار جزئياً في كانون الثاني / يناير 1943 لتبدأ قطارات محمّلة بالغذاء تصل إلى المدينة منذ شباط/فبراير 1943. وفي عام 1944 تم فك الحصار كلياً. وتلاشت خطة ألمانيا لإخراج لينينغراد من حيز الوجود.
عزيزي القارئ..
كما مدينة لينينغراد التي صمدت ثلاثة سنوات امام الحصار النازي الهتلري، وضربت مثالاً للبطولة بأبنائها من مختلف القوميات والاثنيات والأديان، فهي لم تستسلم ولم تفاوض ولم تطبع. فإن فاشر أبو زكريا بأبنائها وبناتها في القوات المشركة، ستنتصر لا محال على عُربان الشتات الذين يبحثون عن وطن يجمع شتاتهم.
نعم، ستنتصر القوات “المشتركة” على الرعاع والجراد الصحراوي وستدحرهم على أبواب مدينة الفاشر، سيما وقد تمكنت القوات المشتركة في خلال خمس اشهر من حصار المدينة، حصاد رؤوساً كبيرة من قادة الجنجويد، وهم على سبيل المثال لا الحصر:
اللواء/ علي يعقوب جبريل قائد قطاع وسط دارفور بمليشيات الجنجويد.
العميد/ بقوات الجنجويد عبدالرحمن قرن شطة.
الجنرال/ عبدالله يعقوب جبريل.
الجنرال/ الضيف
عزيزي القارئ..
هذه الأرض الطيبة الأصيلة، أرض فاشر السلطان وكل أرض دارفور، هي أرض للزغاوة والفور والمساليت والبرقد والبرقو وكل قبائل “الزُرقة”، وستظل لهم رغم الحصار والهجمات المتكررة والتدوين العشوائي ضد المواطنين العزل من قبل الجراد الصحراوي.
نعم، ستظل هذه الأرض لهم للأبد، كما قال الشاعر العراقي احمد مطر في قصيدته.. هذه الأرض لنا؟
قُوتُ عِيالِنا هُنا
يُهدِرُهُ جلالةُ الحِمارْ
في صالةِ القِمارْ
وكُلُّ حقّهِ بهِ
أنَّ بعيرَ جدِّهِ
قَدْ مَرّ قبلَ غيرِهِ
بِهذِهِ الآبارْ!
يا شُرَفاءُ
هذهِ الآرضُ لَنا
الزّرعُ فوقَها لَنا
والنِّفطُ تحتَها لَنا
وكُلُّ ما فيها بماضيها وآتيها لنا
فما لَنا
في البرْدِ لا نَلبسُ إلاّ عُرْيَنا ؟
وما لَنا
في الجوعِ لا نأكُلُ إلاَّ جوعَنا ؟
وما لَنا نغرقُ وَسْطَ القارْ
في هذهِ الآبارْ
لكي نصوغَ فقرَنا
دِفئاً، وزاداً، وغِنى
مِنْ أجْلِ أولادِ الزّنى ؟
**************
لم ولن يصبح السودان ارضاً لعُربان الشتات، وحتماً لم ولن يتمكن الجنجويد شاربو بول الإبل وآكلة الضب والسحالى، متعطشو الدماء، قاطعو رؤوس البشر، من تكوين دولة العطاوة الكبرى في دارفور!!
خالص التحايا للقوات المشتركة بكل مسمياتها في صمودها ودفاعها الشرس عن مدينة الفاشر وفي افشالها لمؤامرة ميليشيا الجنجويد في تكوين دولة العطاوة الكبرى، لتسقط بالتالي كل رهانات عيال آل نهيان في استعمار السودان لإذلال مواطنيه.