آراء

الى أبواق ميليشيا الجنجويد وقادتها.. هل قبيلة المساليت كيزان وفلول؟

عبدالغني بريش فيوف

اتفق أصحاب المزارع على أن يلجؤوا إلى كثير من المبالغة والتهويل، وحتى إلى الكذب والافتراء، لكى تقتنع حيواناتهم بأن الثورة التي قامت بها تلك الحيوانات الطائشة كانت وبالاً عليها، وأن الحيوانات العاقلة يجب أن تقف إلى جانب أصحاب المزارع. – جورج اورويل (من رواية مزرعة الحيوان)..

المقولة اعلاها عزيزي القارئ، تنطبق على ابواق ميليشيا الجنجويد وقادتها، إذ حاولت وتحاول هذه الابواق الجنجويد منذ حرب الخيانة والعمالة التي تخوضها ضد الجيش السوداني، اقناع السذج والأغبياء من السودانيين، بالوقوف مع ميليشيا الجنجويد العابرة للحدود، لأنها حسب زعمها المريض، تحارب في الكيزان والفلول.. هكذا يخدرون السذج والأغبياء، بل هكذا يكذبون عليهم في مواقع التواصل الاجتماعي وفي صحفهم الصفراء!

مرّ على حرب الخيانة والتآمر أكثر من شهرين، وما زالت أبواق الخيانة والتآمر التي تتلقى أوامرها من اسيادها في دويلة آل زعبوط، تصر على ان ميليشيا الجنجويد، تحاب الكيزان والإسلاميين، بل تحمل مشروعا وطنيا متكاملا لانقاذ السودان، يتمثل ملامحه الأساسية في احتلال منازل وبيوت المواطنين، واغتصاب الحرائر والنساء والرجال احيانا، وتدمير المنشآت الحيوية للدولة، وولخ.

أما أهم بند من بنود هذا المشروع الوطني لميليشيا الجنجويد، هو القتل على الهوية، وهذا هو النموذج الأخطر في هذا المشروع الجنجويدي.

لم تستطع ميليشيا الجنجويد، الاطاحة بالجيش السوداني وقيادته، وتكوين حكومة برئاسة (الأمير محمد حمدان دقلو) وولي عهده عبدالرحيم حمدان دقلو، ولذا بعد هذا الفشل الذريع، لجأت الى خطة “ب”، وهي القتل على الهوية والانتقام التعصبي، وكانت البداية من مدينة الجنينة بغرب السودان، حيث موطن قبيلة المساليت الأفريقية العظيمة، التي وقفت وما زالت تقف حجر عثرة امام اقامة مملكة آل دقلو في السودان، بل اقامة دولة لكل الملاقيط من عِربان أفريقيا.

كانت البداية بقتل والي الجنينة خميس عبد الله أبكر الذي ينتمي الى اثنية (المساليت)، ثم اتسعت دائرة القتل على الهوية، لتتحول الجنينة إلى ما يشبه مدينة أشباح.

   السؤال المهم ونحن نشاهد القتل على الهوية في مدينة الجنينة وغيرها من السودان، هو:

ماذا يدور في عقل إنسان يقتل إنساناً آخر دون سابق معرفة دون أن يضرّه أو يؤذيه، دون أن يسبّه أو يهينه، دون أن تكون بينهما سابق معرفة؟ هل فكر القاتل أن هذا المقتول له أسرة وأطفال سوف يحزنون يعانون ويضيع مستقبلهم بدونه؟

هل فكر القاتل أن القتيل كانت له أحلام مثله وأمنيات مثله؟ وكان يود أن يتمتع بالحياة مثله؟ لماذا أقدم القاتل على القتل العبثي لإنسان آخر فقط بسبب أنه ينتمي إلى جماعة دينية أو طائفية أو مذهبية معينة؟ هل مجرد الاختلاف الديني أو الطائفي أو القبلي مبرر للقتل؟ ومن أين جاء هذا التبرير؟ من المؤكد أنه جاء من عقيدة القاتل (الجنجويد)؟

من المؤكد أن القاتل مقتنع أن قيامه بالقتل سوف يجعله أقرب للإله الذي يعبده، وأنه سينال ثواباً على إرضاء ذلك الإله، وأنه سيكون الأكثر تديناً والتزاماً بدينه (دين آل دقلو)!!

 ان ميليشيا الجنجويد لا تقتل “المساليت” بسبب ما يفعلونه، بل بسبب هويتهم الأفريقية الأصيلة. لا يقتلوا بالخطأ، ولكن كجزء من مخطط كبير، يهدف إلى التأكد من أنهم جميعا قد ماتوا.

 إذا كنت مسلاتيا، فأنت هدف مشروع، ويمكن لميليشيا الجنجويد أن تقرر ما إذا كنت ستعيش أو تموت.. لا حصانة لأي مسلاتي، وإفلات كامل من العقاب لكل جنجويدي -سواء اكان من السودان او النيجر او مالي او تشاد او الكاميرون او ليبيا.

ما يحصل اليوم في الجنينة، يُعيد بنا الذاكرة قليلا الى حرب الابادة الاولى بدارفور عام 2004 -2007، بكل مأساتها وما تلاها من قتل وتهجير وتدمير للإنسان الدارفوري، اعوام سجلت فيها التاريخ البشري، وضمّ في سطوره قصص لا يمكن حذفها لانها حقبة لم يشهدها العالم من قبل حتى في زمن التتار والمغول.. والسؤال لماذا تمارس ميليشيا الجنجويد القتل على الهوية في دارفور؟

لابد من تسليط الضوء هذا السؤال الجوهري، لان من يتابع الاحداث في دارفور منذ عام 2003، يجد ان القتل على الهوية واستهداف مناطق (الزرقة) القبائل الافريقية في دارفور، ليس محض صدفة، بل الموضوع برمته كبير واكبر من الموطن الدارفوري المسكين الذي يتحدث عن التعايش السلمي.

منذ عام 2003، تعمل ميليشيا الجنجويد جاهدة للسيطرة على مناطق قبائل الزرقة -مساليت وزغاوة وفور وبرقو وولخ، وتغيير معالمها بهدف جنجودتها وإنهاء الوجود الافريقي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل، وقامت بالعديد من الإجراءات ضد هذه المناطق وسكانها، حيث كان وما زال جلب المستوطنين الجدد من تشاد والنيجر ومالي وموريتانيا واستيطانهم في الأراضي التابعة لها أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف ميليشيا الجنجويد الأساسي تجاه دارفور.

بدأت عملية القتل على الهوية بمدينة الجنينة، بغرض تطهيرها من قبيلة “المساليت”، ولن تتوقف هذه العملية عند مدينة الجنينة فقط، بل ستمتد الى زالنجي ونيالا والفاشر وكل مناطق دارفور، وحتما ستنتقل الى مناطق كردفان التي تعيش فيها عدد كبير من قبائل “البقارة” المؤيدة لمشروع ميليشيا الجنجويد، القائم على جنجودت وتعريب السودان، عبر سياسة الإحلال والإبدال.

المؤامرة على السودان كبيرة جدا، ليست فقط على قبائل “الزُرقة” في دارفور، انما على كل السودان، وللاسف الشديد يشارك في تلك المؤامرة والخيانة، احزابا وتنظيمات سياسية لا ترى في افعال الجنجويد وحربها على الجيش السوداني، خيانة تستحق التوقف عندها.

الآن، وقد بلغ السيل الزبى، فان المطلوب من القوى السودانية الشريفة والحرة وهي موجودة حقا، ان تتوحد في كتلة قوية من أجل اخراج الجنجويد من كل شبر من ارض السودان، كما يجب عليها تطويق وتعرية أبواق الجنجويد والعملاء الذين يبررون ما تقوم به ميليشيا الجنجويد من أعمال وافعال وحشية بذريعة الحرب على الكيزان والفلول.

ان الحرب على الكيزان والفلول والإسلاميين، مجرد اكذوبة كبيرة، وكما قلنا في مقالات عدة منذ اندلاع حرب 15 ابريل 2023، فان لميليشيا الجنجويد احلاما واوهاما تتلخص في الاحلال والابدال واقامة دولة للقطاء من عرب النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو والكاميرون وولخ. إذن ما حدث ويحدث في الجنينة من تطهير عرقي لقبيلة “المساليت”، سينتقل سريعا الى مناطق أخرى من السودان، وعليه، يجب استئصال هذا السرطان “الدعم السريع/الجنجويد”، لخطورتها وبشاعتها وسرعة فتكها.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى