تواصل ورشة حوار سوداني في القاهرة… واحتمال تشكيل تحالف يخدم الدور المصري
الخرطوم ـ «القدس العربي»:
تواصلت ورشة الحوار السوداني ـ السوداني، التي تستضيفها القاهرة، رغم رفض «الحرية والتغيير» المشاركة فيها، واعتبارها منبراً لقوى «الثورة المضادة».
ومن المنتظر أن يستمر هذا الحوار حتى الثامن من الشهر الجاري، بمشاركة وفود من «الكتلة الديمقراطية» ومجموعة «التوافق الوطني» وتحالف «التراضي الوطني». وجميعها دعمت انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، واعتبرته «تصحيحا لمسار الانتقال الديمقراطي في البلاد».
الفترة الانتقالية «متعثرة»
وتحدث في بداية الجلسة الافتتاحية، ممثل كتلة المجتمع المدني السوداني، المحامي نبيل أديب، الذي قال إن «الفترة الانتقالية في البلاد متعثرة» موضحاً بأن «هناك أربعة مطالب رئيسية لم تتحقق بعد، ممثلة في السلام والإصلاح القانوني وعودة السودان للمجتمع الدولي، الى جانب الإصلاح الاقتصادي».
كذلك قال نائب رئيس الكتلة الديمقراطية، جبريل إبراهيم، إنه «يجب على الجميع تجاوز الخلافات حتى يتجاوز السودان هذه المرحلة الحرجة» مؤكداً أن الورشة تتيح فرصا للوصول إلى اتفاق سوداني سوداني.
وبالتزامن مع الورشة، استقبل عضو المجلس السيادي، شمس الدين الكباشي، مساء الخميس، السفير المصري، هاني صلاح في القصر الرئاسي في الخرطوم.
وحسب بيان لإعلام المجلس السيادي، فقد أشاد الكباشي بـ «مساعي القاهرة في تقريب وجهات نظر السودانيين» مشيراً إلى «دعم بلاده للمبادرة المصرية» وعبر عن «تقديره للقيادة المصرية ودورها المستمر في دعم التوافق بين المكونات السودانية».
وأشار البيان إلى أن «سفير جمهورية مصر لدى السودان أطلع الكباشي على تفاصيل ورشة العمل التي تستضيفها الحكومة المصرية في القاهرة، والتي تضم عدداً من القوى السياسية السودانية، بهدف تسريع العملية السياسية الجارية».
وثمن الكباشي «المساعي المصرية لتهيئة المناخ للتوافق بين الأطراف السودانية، وذلك عبر استضافتها ورشة العمل الحالية» مؤكداً «دعم كل ما يعزز الوحدة الوطنية» فيما أوضح صلاح أن «بلاده تعمل على توفير المناخ والبيئة المناسبة للحوار بين السودانيين بما يساعد في التوصل لمخرجات تؤدي إلى تسريع العملية السياسية السودانية لتصبح أكثر شمولا واستدامة».
وكانت الحكومة المصرية قد أكدت على «أهمية استقرار السودان وارتباطه باستقرار مصر» وأن «التوقيت الحالي هو الأمثل لتحقيق الاستقرار وصولا لتوافق عريض للسودانيين، الأمر الذي نظمت من أجله ورشة الحوار بين الأطراف السودانية».
ونهاية الشهر الماضي، شدد رئيس الوزراء الإثيوبي، أبيي أحمد، خلال زيارته إلى الخرطوم، على ضرورة «عدم التدخل في شؤون السودان الداخلية» مشيراً إلى أن زيارته جاءت «من أجل التضامن مع السودانيين في العملية السياسية الجارية» في إشارة للاتفاق الإطاري.
قيادي في الكتلة الديمقراطية لـ«القدس العربي»: من المتوقع أن تخرج بإجماع وطني عريض
وتوقع القيادي في الكتلة الديمقراطية، مبارك أردول في تصريح لـ «القدس العربي» أن «تخرج الورشة بوثيقة وطنية، تحظى بإجماع عريض» مشيرا إلى أن «الوفود المشاركة في حوار القاهرة مناهضة للاتفاق الإطاري وتسعى لحوار يجمع كل الأطراف».
وأشار إلى أن «الورشة، التي بدأت فعالياتها الخميس، ستناقش قضايا الانتقال وما بعد الانتقال في السودان، بالإضافة إلى هياكل الحكم وتشكيل الحكومة واختيار أعضائها».
كذلك أوضح أن «الورشة ستتداول حول تفكيك النظام السابق وتعديل وتنفيذ اتفاق السلام، والعدالة الانتقالية والمؤتمر الدستوري والانتخابات». والقضايا التي قال أردول إن ورشة القاهرة ستناقشها، لا تختلف كثيراً عن القضايا التي تعقد فيها القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري ورش عمل متصلة بشأنها بتسهيل من الآلية الثلاثية المشتركة المكونة من الاتحاد الأفريقي، وإيغاد والأمم المتحدة.
وكانت الكتلة الديمقراطية قد رفضت الاستجابة لدعوة الآلية الثلاثية للمشاركة في ورشة اتفاق السلام التي تعقد في الخرطوم وانتهت فعاليتها أمس الجمعة، وفي المقابل، رفضت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري المشاركة في ورشة القاهرة.
البحث عن دور
ويبدو أن ورشة القاهرة تأتي «في سياق محاولات مصر لأن يكون لها دور في حل الأزمة السياسية في السودان، خصوصاً وأنها ليست جزءاً من العملية السياسية التي ترعاها اللجنة الرباعية والآلية الثلاثية» وفق ما قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين، مصعب محمد علي لـ«القدس العربي».
ورأى أنها «لن تكون مؤثرة بشكل كبير على الوضع في السودان، باعتبار أن الأزمة تحتاج لجلوس كل الأطراف السياسية في البلاد دون غياب أي طرف منها».
ورغم التباينات بين الأطراف المشاركة، توقع علي أن «تقوم بتكوين تحالف يضم هذه المكونات، وبذلك تضمن القاهرة تكوين تحالف سياسي يكون له دور في العملية السياسية المقبلة في البلاد».
وأضاف: «القاهرة، بعقدها لهذه الورشة، تحاول أن تستعيد المبادرة، وأن يكون لها دور مؤثر بعد أن فقدته في الفترة السابقة، خصوصاً وأنها تضع في الاعتبار أن غيابها عن الشأن السوداني يمكن أن يؤثر على مصالحها في السودان، وربما تخسرها لصالح دول أخرى، لذلك ستحاول القاهرة إنجاح الورشة وتحقيق أهدافها».
ضعف الرعاية الدولية
أما المحلل السياسي أمين مجذوب، فقد قال لـ«القدس العربي» إنه «في حال القيام بمقارنة بسيطة ما بين الاتفاق الإطاري، وما تسعى له الكتلة الديمقراطية والمجموعات الأخرى المشاركة في ورشة القاهرة، فإن الاتفاق الإطاري يحظى برعاية إقليمية ودولية ممثل في الوساطة الرباعية بقيادة واشنطن والمملكة المتحدة وأطراف إقليمية والآلية الدولية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد» مشيرا إلى أنها في «مجملها قوى إقليمية ودولية مؤثرة».
وأضاف: «الورشة التي تشارك فيها الكتلة الديمقراطية ليست لها الرعاية نفسها، أيضا المكون العسكري وقع على الاتفاق الإطاري، وفي هذه الورشة المكون العسكري غير موجود» فضلاً عن أن «المرحلة النهائية للعملية السياسية المبنية على الاتفاق الإطاري، تم تدشينها وإجراء بعض الورش بخصوصها.
في المقابل، لن تفضي ورشة القاهرة الى عملية سياسية أو قضايا حقيقية باعتبار أن المشاركين فيها معظمهم كانوا شركاء المكون العسكري في الفترة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021».
وتابع: «لذلك من ناحية مقارنة موضوعية، الكتلة الديمقراطية لن تكون مؤثرة حتى ولو حاولت التدثر بعباءة بعض مكوناتها من الحركات المسلحة، ولكن الأمر في مجمله يؤثر على الأزمة السودانية بالاستقطاب والاستقطاب المضاد».
ورأى أنه «من الواضح أن هناك استقطابا حادا لكل القوى السياسية، بينما يتفرج المكون العسكري الذي يحكم الآن، وفي حالة الخلاف سيستمر في الحكم، وأن القوى السياسية لن تجد ما تريده في ظل الخلاف».
وأشار إلى أنه «كان الأفضل الاتفاق على الحد الأدنى من التوافق حتى يتم تشكيل حكومة، وبالتالي المحصلة تكون في الانتخابات، وأن الشارع هو الذي سيختار الحكومة وليس بالتنافس في الفترة الانتقالية المحددة بالأساس بإطار زمني وبرامج محددة، وبالتالي الأفضل أن تتكون من تكنوقراط، وليس عبر المحاصصة بين التنظيمات السياسية».
ولفت إلى أن «إشكالية الكتلة الديمقراطية مكونة من أحزاب وحركات مسلحة، لم تتحول إلى تنظيمات سياسية، متسائلا: فكيف ستتوافق مجموعات مسلحة لديها جيوش مع أحزاب ومنظمات مجتمع مدني؟».
ورأى أن «هذه الاشكالية كانت سبب فشل الحكومة في الفترة الانتقالية بوجود حركات لديها جيوش، وأن المشكلة ذاتها لا تزال راهنة الآن كونها مكونات ما تزال مسلحة على الرغم من توقيعها اتفاق سلام» موضحاً أن «المتضرر في نهاية المطاف هو الشعب السوداني الذي لن ينتظر طويلا وربما يتصاعد حراكه الثوري ويكتسح الجميع» على حد تعبيره.