أخبار

السودان.. حكم بإعدام سيدة رجما يثير جدلا واسعا ومطالبات بإلغائه

أثارت قضية المرأة السودانية المحكوم عليها بالإعدام رجما بالحجارة، لاتهامها بممارسة علاقة غير شرعية وهي متزوجة، جدلاً واسعاً في البلاد، بينما ارتفعت الأصوات المنادية بإلغاء هذه العقوبة المضمنة في القانون الجنائي للبلاد.

وكان القاضي هارون آدم، رئيس محكمة جنايات كوستي، بولاية النيل الأبيض، أصدر في 26 حزيران/يونيو الماضي، حكماً بالإعدام رجما بالحجارة، ضد مريم السيد تيراب البالغة من العمر 20 عاما، بعد إدانتها بانتهاك المادة 146 (2) (الزنا)، من القانون الجنائي السوداني 1991.

وقالت ابتهال عمر، محامية مريم، لـ “إرم نيوز”، إن “هيئة الدفاع في انتظار قرار محكمة الاستئناف حول الطلب الذي تقدمت به في وقت سابق ضد الحكم القاضي بالرجم”.

ونفت عمر ما تداولته وسائل الإعلام خلال الساعات الماضية حول شروع السلطات في تنفيذ العقوبة بعد تأييد المحكمة العليا لقرار محكمة الموضوع، مؤكدة أن “القضية لا زالت بطرف محكمة الاستئناف”.

وانتشرت أمس الأحد، على نطاق واسع أنباء عن تأييد المحكمة العليا لقرار محكمة جنايات كوستي، القاضي بإعدام مريم تيراب، رجماً بالحجارة، الأمر الذي أدى إلى انطلاق حملات التضامن والمناصرة ضد الحكم والعقوبة التي اعتبرت مهينة ولا إنسانية ومنافية للحق في الحياة والكرامة الإنسانية.

ونادت الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة، رشا عوض، بالخروج في احتجاجات مليونية خصيصاً للمطالبة بإنقاذ مريم تيراب، من العقوبة التي وصفتها بـ “الوحشية”.

ودعت عبر صفحتها في موقع “فيسبوك” السودانيين إلى “الخروج دون تردد في احتجاجات تطالب باستئصال عقوبة الرجم من القانون الجنائي السوداني”، وألا “يركنوا للخوف من الإرهاب الديني”.

وأضافت: “أنا مسلمة ضد عقوبة الرجم، ومن حيث أنا مسلمة أعارضها وأنظر إليها كحكم منسوب للسنة وهو يتعارض مع القرآن الكريم، والأهم من ذلك أن أحكام المعاملات حتى في القرآن مشتبكة مع ملابسات ظرفية لواقع تاريخي وتتغير بتغيره، لا ثوابت في المعاملات سوى المقاصد الكلية والمحتوى الأخلاقي القيمي لرسالة الإسلام”.

لا أصل لها في الإسلام

من جهته، أكد المفكر الإسلامي السوداني، ابوبكر عبد الرازق، أن عقوبة الرجم ليست من أصل الإسلام وإنما هي عقوبة يهودية، قائلاً إن “العقوبات الإسلامية الكبرى مثل الحدود، ينص عليها القرآن نصاً صريحاً بيناً، وهو المصدر الوحيد لمثل هذه الأحكام، إقرارا لقواعد التجريم والتحريم والعقاب، وكل ما سكت عنه فهو يقع في مساحة الإباحة”.

وأكد عبد الرازق لـ”إرم نيوز” أن “القرآن الكريم يجرم الزنا بإطلاق دونما توصيف أو تصنيف لمحصن أو أعزب”، مشيراً إلى أن العقوبة في حال ثبوت الجريمة، هي الجلد مئة جلدة، وأن يحضر توقيع العقوبة طائفة من المسلمين.

وأضاف أنه “ليس هنالك أي عقوبات دون ذلك، على الإطلاق، كما أن الأمر واضح في سورة النور التي تتحدث عن أن الزانية والزاني يجلد كل واحد منهما مئة جلدة”.

وتابع: “الآية 25 من سورة النساء تتحدث عن أن عقوبة الزانية الأمة المتزوجة هي نصف ما على المؤمنات من العذاب، وهو الجلد، ونصفها 50 جلدة، أما الرجم فهو قتل والقتل لا ينصف إما كاملا أو لا قتل”.

وذكر أن “المرويات التي تتحدث عن عقوبة الرجم، ضعيفة بالإجماع، وهنالك من يدعي أن آية الرجم لم ترد خطاً وإنما حكماً، بيد أن هذه آية من آيات التوراة المحرفة كما أشار إلى ذلك الإمام الطبري في تفسيره للآية 42 من سورة المائدة”.

وأكد أنه “لم يحدث على مر التاريخ الإسلامي أن تم تطبيق عقوبة الرجم ضد شخص”.

وأوضح عبد الرازق وهو قانوني أن قاضي محكمة جنايات كوستي الذي أوقع عقوبة الرجم، لم يخطئ لأن ذلك منصوص عليه في القانون السوداني، بينما الخطأ على المشرع الذي أوجد العقوبة التي ما زالت ضمن القانون ولم تطالها يد التعديل.

ودعا إلى تعديل عقوبة الرجم واستبدالها بالجلد فقط، وفقا لما هو وارد نصاً في القرآن الكريم.

عقوبات مثيرة للجدل

ويتضمن القانون الجنائي السوداني عددا من العقوبات الحدية المثيرة للجدل، من بينها عقوبة “الردة” المنصوص عليها في المادة 126، والتي تنص على إعدام من يتم إدانته بالردة عن الدين الإسلامي.

وفي عام 2014 أصدرت محكمة سودانية حكماً بالإعدام ضد امرأة تدعى مريم يحيى، اتهمت بالردة عن الإسلام والزواج برجل مسيحي، حسب الدعوى التي رفعها أقاربها.

وأثارت القضية يومها ضجة واسعة انتهت بإلغاء السلطات السودانية الحكم ضد مريم يحيى، وسفر الأخيرة إلى إيطاليا ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا زالت تقيم هناك حتى اليوم.

من جانبه، يقول الناشط الحقوقي ومدير المبادرة السودانية لحقوق الإنسان، الشريف علي الشريف، إن القانون الجنائي السوداني لأعوام 83 و 74 لم يكن به عقوبات حد الرجم، وهي من صميم أفكار الإخوان المسلمين، حيث أدخلت في بداية عهد نظام عمر البشير السابق.

وقال الشريف لـ “إرم نيوز”، إن عقوبة الرجم بالطريقة التقليدية مرتبطة بالمحاكمة العادلة، بينما لم تحصل مريم تيراب على المحاكمة العادلة، ولم يتم تسمية محامين لها.

وأشار إلى أن “القانون الجنائي السوداني لعام 1991 ينص على تسمية مفوضية العون القانوني، محامين للدفاع عن المتهمين في مثل هذه القضايا الكبيرة”.

وانتقد عدم تنشيط وزارة العدل لمفوضية العون القانوني، داعيا لضرورة تحرك العون القانوني في مثل هذه القضايا، بالإضافة إلى نقابة المحامين ووكلاء النيابات.

وذكر الشريف أن “الذي يعارض الإصلاح القانوني في السودان الآن، هو التيار الإسلامي، الذي يريد أن يحافظ على مصالحه الطبقية”.

ولفت إلى أن مثل هذه القضايا توضح مدى ضعف النظام القانوني السوداني وعدم تماشيه مع المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان.

وأوضح أن “النظام القانوني في السودان يحتاج إلى إصلاحات كبيرة لن تتم إلا بجعل القوانين السودانية متماشية مع العهود والمواثيق الدولية، وبإصلاح الجهاز القضائي وتدريب القضاة وجعلهم مؤهلين لتطبيق المعايير الدولية دون التعامل بفلسفة الجبهة الإسلامية، بالإضافة إلى إصلاح المؤسسات الشرطية”.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى