أخبار

السودان: منسقية النازحين تعلن فرار الآلاف في دارفور عقب تلقيهم تهديدات من الدعم السريع

بعد مرور عامين على توقيع اتفاق السلام، ما يزال تنفيذ العديد من بنوده يتعثر، خاصة التي تتضمن دمج الجيوش المتعددة في البلاد وتكوين قوات لحماية المدنيين في مناطق النزاعات.

الخرطوم-»القدس العربي»:  قالت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، أن أكثر من 3700 نازح، فروا من معسكر» سرتونوي» شمال دارفور، بسبب تهديدات مجموعات تابعة لقوات الدعم السريع التي يتزعمها نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو «حميدتي».

وحسب المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال، يعيش المدنيون في دارفور في ظل أوضاع أمنية وإنسانية بالغة الصعوبة، تفاقمت بعد انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية في 25 تشرين الأول/اكتوبر الماضي.
وأشار في بيان، إلى أن مجموعة تابعة لقوات الدعم السريع، قامت بتهديد مشايخ أهليين في معسكر «سرتوني» بسبب مزاعم اختفاء سيارة دفع رباعي عسكرية، تابعة لهم داخل المعسكر، مبينا أن تلك التهديدات تسببت في هلع النازحين وفرارهم إلى الجبال والكهوف، خوفا من تعرضهم لهجوم مسلح من تلك القوات.
ووصف ما حدث بالسلوك غير المسؤول، منددا بتهديد أمن المعسكر، مشيرا إلى أن دارفور تشهد انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من قبل المجموعات المسلحة الموالية للسلطات السودانية.
وحذر من ما وصفه بـ«المحاولات الممنهجة» التي تقوم بها السلطات السودانية لتفكيك المعسكرات، والتي تهدف إلى طمس آثار جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، في دارفور.
وقال: «إن المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين، تحمل السلطات الولائية والاتحادية، مسؤولية المخططات الشريرة والمدبرة التي تقوم بها الميليشيات التابعة لها ضد النازحين العزل بدارفور» مشددا على أن التقاعس في تحقيق العدالة في جرائم دارفور ظل يشجع «المجرمين» على ارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد حقوق الإنسان.
وبعد الحرب الطاحنة في دارفور التي اندلعت في العام 2003 وأودت بحياة نحو 300 ألف سوداني، كان من المنتظر أن ينهي اتفاق السلام، الذي وقعته الحكومة الانتقالية مع الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وتنظيمات معارضة في 3 تشرين الأول/اكتوبر 2020 الصراع المسلح في البلاد المستمر منذ عقود، إلا أن الأوضاع لا تزال تراوح مكانها، وسط دعوات لتعديل أو إلغاء الاتفاق.
وشمل الاتفاق، خمسة مسارات، مقسمة وفق أقاليم البلاد،- دارفور، النيل الأزرق وجبال النوبة، الشمال، الوسط الشرق- بما يتضمن مناطق لم تشهد حروبا أو نزاعات، مثلتها تنظيمات سياسية داخل الجبهة الثورية، التي تضم كذلك حركات مسلحة.
وبعد انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية في 25 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، دعمت عدد من الحركات المسلحة خطوة الجيش واعتبرتها تعديل لمسار الانتقال في البلاد، بينما ادانت حركات أخرى الانقلاب إلا أنها استمرت في الشراكة مع المعسكر معللة ذلك بحماية مكتسبات اتفاق السلام.
وعلى الرغم من تأكيد الجيش والحركات على حماية اتفاق السلام، قتل مئات المدنيين في دارفور ومناطق نزاع أخرى في البلاد في صراعات مسلحة، تتهم منسقية النازحين واللاجئين مجموعات مسلحة تابعة للسلطات بالمشاركة فيها.
وبعد مرور عامين، على توقيع اتفاق السلام، ما تزال يتعثر تنفيذ العديد من بنوده، خاصة المتعلقة بالترتيبات الأمنية والتي تتضمن دمج الجيوش المتعددة في البلاد وتكوين قوات لحماية المدنيين في مناطق النزاعات.
وفي بيان له حول، حول ذكرى توقيع اتفاق السلام، اعتبر رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بيرتس أن مرور عامين على توقيع الاتفاق، تذكير قوي بأنه لا يزال هناك الكثير مما يجب إنجازه، مشيرا إلى الحاجة العاجلة لتنفيذ بنود الترتيبات الأمنية، والنشر السريع للقوة المشتركة لحفظ الأمن لضمان حماية المدنيين، بالإضافة إلى إنشاء المفوضيات ذات الصلة كمفوضية اللاجئين والنازحين ومفوضية العدالة الانتقالية ومفوضية الأراضي والحواكير ومفوضية الرُّحّل والرعاة، وتنفيذ البنود الأخرى المرتبطة بالتشارك في السلطة والثروة وجبر الضرر.
ورأى المحلل السياسي حافظ كبير، في حديثه لـ«القدس العربي» أن الجزء الأكثر أهمية في اتفاق الترتيبات الأمنية هو إنشاء قوات حماية المدنيين، مشيرا إلى أن السلطات تواجه تحديات فيما يلي تمويل الاتفاق خاصة في ظل الاضطرابات السياسية الراهنة، والتعقيدات الاقتصادية في البلاد.
وأشار إلى أنه على الرغم من تخريج المجموعة الأولى من قوات حماية المدنيين، إلا أن الإجراءات الخاصة بتسلم مهامها لم تكتمل بعد، بينما ما تزال مجموعات أخرى قيد التدريب.
وأشار إلى أن بعض الحركات قامت بعمليات تجنيد واسعة عقب التوقيع على اتفاق السلام، الأمر الذي شكل لاحقا تحديات خاصة بتوفير التمويل الكافي لتغطية نفقاتها، ما أدى إلى انتشار أعمال النهب المسلح في دارفور.
ولفت إلى أن بعض الحركات لم يتم استيعابها في هياكل السلطة والترتيبات السياسية والعسكرية، والتي هددت بالتصعيد، بينما ما تزال حركات أخرى خارج اتفاق السلام، مشيرا إلى أن ذلك يمثل تحديا آخر، حتى حال تنفيذ الترتيبات الأمنية الذي يبدو أنه لن يشمل كل المجموعات المسلحة في دارفور.
يوافقه الرأي الخبير الأمني أمين مجذوب، الذي قال لـ«القدس العربي» إن المعوقات التي تمنع تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية يتمثل في بعض التعقيدات السياسية وأخرى خاصة بالتمويل، مشيرا إلى رفض الحركات المسلحة التحول لأحزاب سياسية والتمسك ببقاء قواتها طوال ثلاث سنوات قد تزيد حال تمديد الفترة الانتقالية وعدم تنفيذ الترتيبات الأمنية.
وأشار إلى أن الحركات يجب أن تساهم في إعادة النازحين إلى قراهم، لافتا إلى عدم وجود أي خطوات في الصدد، على الرغم من مرور عامين على توقيع الاتفاق، مبينا أن ما تم تنفيذه في الاتفاق حتى الآن هو تقسيم السلطة والثروة فقط، فيما ما تزال البنود الخاصة بالعدالة الانتقالية وعودة النازحين والتعويضات وجبر الضرر لم ينفذ منها أي شيء ولم تتشكل المفوضيات المنوط بها ذلك.
وفيما يلي التمويل، لفت إلى أن الحكومة غير قادرة على تمويل عملية الترتيبات الأمنية التي تقدر تكلفتها بـ4 مليار دولار، مشيرا إلى انه في ظل المقاطعة الدولية الراهنة يبدو اكمال الترتيبات بالخصوص غير ممكن.
وبين أن عملية تجميع قوات الحركات المسلحة، في نقاط تمهيدا للشروع في الترتيبات الأمنية، يعتبر تحديا ما بين الأعداد الافتراضية والأعداد لقوات الحركات بعد عمليات التجنيد العشوائية التي تمت في أعقاب توقيع اتفاق السلام، مشيرا إلى أن أعدادا ضخمة تم تجنيدها ومنحها بطاقات انتساب للحركات.
أما المحلل السياسي، حاتم الدرديري، أشار في حديثه لـ«القدس العربي» إلى أن المجتمع الدولي عقب الانقلاب العسكري، قرر التوقف عن دعم السلطات الراهنة في البلاد والتي تشارك فيها الحركات المسلحة، ما يعني التوقف عن تمويل اتفاق السلام. ووصف قرار إنهاء عمل البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور «يوناميد» في العام 2020 بالخطأ الفادح، والذي تسبب في خلق فراغ أمني في المنطقة، مشيرا إلى أن القوة الدولية كان يجب أن تواصل عملها لعام آخر على الأقل إلى حين تكوين قوات وطنية لحماية المدنيين.
ورأى أن المجموعات المسلحة المتعددة في البلاد، غير مدربة ولا تملك عقيدة عسكرية وطنية تنسجم مع دعم التحول الديمقراطي والدولة المدنية وحماية الدستور.
وبين أن تنفيذ هذا البروتوكول يتطلب حصافة سياسية ودبلوماسية عالية وآليات دولية واضحة، لافتا إلى أنه حال عدم حدوث ذلك سيواجه أمن واستقرار البلاد تهديدات واسعة.
وحسب الدرديري فشلت السلطات السودانية حتى الآن في تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية، الأمر الذي يعتبر تكرارا لاخفاقات الاتفاقات السابقة بالخصوص.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى