إغلاق المكيفات وإلغاء اتفاق جوبا للسلام
(1)
((ماذا نتوقع من احزاب معظم قياداتها من زعماء القبائل و الادارة الاهلية ؟ في تصوري ان اكبر عائق لاي مشروع وطني نهضوي طموح هو ما يسمى بالادارة الاهلية – و انا لا اتحدث بلسان من تعرض الي الظلم من قبل تلك الادارات المتحجرة بل بلسان احد ابناء الادارة الاهلية و اتفهم مرارات ابناء القبائل خارج منظمومة تلك البيوتات الحاضنة لنظم الاستبداد و الطائفية – يجب تغييب تلك الادارات بشكل تدريجي لانها البؤر التي تغذي مفاهيم القبلية و الجهوية)) .
تلك كانت إجابتي على سؤال من قبل صحيفة الأحداث الورقية في أكتوبر 2009
(2)
التائه كتاب نشر للشاعر اللباني جبران خليل جبران بعد وفاته بعام اي في سنة 1933 . في ذلك الكتاب يرسم نقده للتقاليد الاجتماعية وسخريته من ازدواجية البشر و تناقضاتهم التي تفتك بالناس من حولهم .
كأنما جبران كان يستقرأ لوحة السودان و نظام الإنقاذ و الفترة الانتقالية – و الشخوص من شاكلة عبدالفتاح البرهان و حميدتي و برطم و الناظر ترك و مالك عقار.
(3)
لم تمر بخلد الجنرال التائه عبدالفتاح البرهان من حيلة بقاء في السلطة إلا و جربها.
الحيل التي تراوحت ما بين تحريض الزعماء القبليين لإغلاق الميناء و الطرق القومية في الشرق، الي تأجيج النعرة القبيلة و إشعال الفتنة بين السكان المحليين بأقليم النيل الأزرق، مرورا بإفتعال أزمة الفشقة مع الجارة إثيوبيا .
و لم يتبقى له غير إعلان الإتحاد السوداني للجمهوريات القبلية و ذلك بجعل كل محلية من محليات السودان جمهورية مستقلة للقبيلة التي تقطنها على غرار ما يفعله رئيس الإتحاد الروسي فلاديمير بوتن بالدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق.
من يخبر الجنرال بان الحل في العودة الي ما قبل إنقلاب 25 أكتوبر.
و ذلك بعودة مجلس السيادة بأطرافه الثلاث ( العسكريين، المدنيين و ممثلي حركات الكفاح المسلح).
مع عودة حكومة الثورة بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك.
(4)
تألمت لغياب السودان عن قمة جدة بين الدول المحورية بالمنطقة و الولايات المتحدة.
لو لا الانقلاب المشؤوم لكان ممثل شعب السودان الدكتور عبدالله حمدوك نجم القمة.
المضحك و المبكي معاً ان ينوب الرئيس المصري عن تلميذه السوداني في الحديث عن المليشيات في الدول العربية و الرسالة في بريد مليشيا الدعم السريع بالدرجة الأولى ، لكن قد يدعي البعض شمول الميليشيات الشيعية في العراق و اليمن و لبنان .
(5)
مع حفظ تحفظات الناس هنا أو هناك على إتفاق جوبا للسلام بمساراته المتعددة ، و رغم تواضع أداء قوات حركات الكفاح المسلح في حماية النازحين الذين من أجل حقهم في الحياة حملت تلك الحركات السلاح ضد نظام الإنقاذ ، و رغم مشاركة تلك الحركات أو تواطوئها في جريمة الانقلاب على الحكومة المدنية؛ إلا ان مجمل الإتفاق مكسب كبير للسودان و السودانيين.
الإتفاق قد أوقف الحرب بين الحكومة المركزية و حركات الكفاح المسلح، وهو الهدف الرئيسي و المكسب الجوهري.
على الناس ان يتخيلوا حجم الدمار الذي سيحل بالوطن و انسانه في حال إستمرار الحرب بين الطرفين حتى تاريخ يومنا هذا – لن يكن هناك وطن بالأساس.
على الذين لم يختبروا الحروب و المعارك من قبل ان لا ينظروا الي مسألة إلغاء إتفاق السلام ببساطة إغلاق جهاز التكييف بالغرف و المكاتب التي فيها يتواجدون منذ العقدين – وهو عمر إفتراش تلك الحركات للصحاري و الادغال و الوديان.
لذا من الأفضل أن نحافظ على ذلك الإتفاق المصيري و نعود بالأمور الي ما قبل 25 أكتوبر.
إنها ثورة حتى النصر
د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com