النخب وإدارة التنوع وغياب الدولة الوطنية..!! (3/1 )
azizabuaglah@gmail.com
مدخل : ( أغلب الناس عند السلطة يصيرون أشرارا) افلاطون .
بقلم : عبدالعزيز ابوعاقلة
# يقال في ادوات التربية والتعليم التقليدية إذ أردت أن تعلم مدي اجتهاد او فشل التلميذ الصغير عليك اولا تصفح دفتره المدرسي وايضا في بناء الأوطان في مرحلتها التأسيسية لها دفاتر يجب مراجعتها بعقول مفتوحة وفم مغلق .
# حقا هل قدرنا في هذا الوطن الكبير الرقعة (الجوسياسية) السودان عندما ارادت مشيئة الله ان يكون متنوعا أراد البعض (النقاء العرقي )الصاقا وترقيعا (مازق وانفصام الهوية ) دون النظر إلي المرآة ليروا وجوههم الحقيقية .. أم هي لعنة بعض النخب السياسية المبكرة الذين لم يكونوا بقدر حجم التحديات في التأسيس الاولي لبنية الدولة السودانية التي ورثوها من المستعمر البريطاني (بوضع اليد ) ولم يبذلوا أي مجهود يذكر في بناء الوطن والتنمية العادلة وإثراء مفاهيم التنوع وتشجيع الهويات الثقافية الصغري ورعايتها وصولا لهوية قومية كبري (سودانوية) يجد كل مواطن نفسه في داخلها طوعا وليس انقيادا وفرضا. وهل كانوا وطنيين قدر مقاسهم ووعيهم واستطاعتهم ؟؟ فقط اكتفوا برفع العلم وترديد النشيد الوطني واستبدال الحاكم البريطاني بمجلس سيادة سوداني حتي أنهم لم يجدوا الوقت الكافي لصياغة (مشروع وطني ) و( دستور دائم ) يراعي التنوع والمواطنة الحقة والعدالة والمساواة بين المواطنين وحسم موضوع الهوية، مخاطبة قضايا الحرب والسلام والتنمية المتوازنة الأقاليم المهمشة بل اكتفوا بوضع الدساتير المؤقتة وأصبحت سمة لكل الأنظمة المتعاقبة ( 7 دساتير مؤقتة) واتجهت كل مجهوداتهم للهرولة نحو السلطة وتقسيم المغنم بينهم وتركوا الفروض الوطنية الأساسية . بل أنهم ذهبوا أكثر من ذلك في أول برلمان وطني ١٩٥٦م أن حددوا بمفردهم مصير الوطن كله وحسم هويته الثقافية (الاسلام /عروبية ) بخطاب فوقي واعتبارها هي المحدد الوحيد للهوية السودانية الوطنية بنظرة استعلائية دون اعتبار لخصوصية مكونات شعوب الوطن وتمايزها مما انتج الغبن والتهميش المركب وأصبحت منطقة (الوطنية السودانية )مركزية ومغلقة(بالطبلة والمفتاح ) وأصبح هناك مواطنين في الوطن سودانيين مرتبطين بالارض وهويتهم بشكل حاسم منذ آلآف السنين مغيبين . # وحتي المشاريع التي برزت من البعض في الفترة الاولي لمعالجة خلل قضايا الوحدة والسلام المستدام والاستقرار الذي جري مبكرا قبل وبعد الاستقلال ١٩٥٥م و الذي ابرم اخلاقيا بين نخب الشمال والجنوب بمنح ( الفدرالية) للجنوب مقابل إعلان الاستقلال تم اجهاضها والالتفاف حولها وتغبيشها وكأنه لم يكن (في وضع سابقة أخلاقية استعلائية يحسدوا عليها مما ادخل مفاهيم جديدة في العمل السياسي ( الشك والريبة وعدم الثقة ) . مما جعل (الاستهبال السياسي والغش والخداع ) مقدمة و عنواناً ونوايا مبطنة لمؤتمر (المائدة المستديرة ) ١٩٦٥ م . ودون الخوض في تفاصيل المؤتمر قبعت التوصيات في إدراجها وكانت المحصلة حينذاك منذ البداية الانقسام الأفقي والرأسي سياسياً واجتماعياً وثقافياً للدولة الوطنية الناشئة واشهار الدولة المركزية لأجندة الحرب في النهاية علي مكونات شعوبها مما انتج العنصرية وثقافة الكراهية بذلك الفشل في بناء الدولة الوطنية السودانية.
# ومن المدهش والمحزن حقاً أن تلك النخب السياسة لم تكتفي بذلك الفشل في بناء الدولة الوطنية السودانية بل أرادوا الهيمنة أكثر وان يصبحوا أوصياء علي الوطن بتقنين (الوطنية الضيقة ) بتفصيلها حسب مقاسهم وباضافة عنصر المتاجرة بالدين وبتواطؤ من(الاخوان المسلمين ) المستلفه افكارهم من ثالوث كهنة الإسلام السياسي ( أبو العلا المودودي – سيد قطب-حسن البنا)
بفرض ((دستور ديني إسلامي )) ١٩٦٨ م وعلي حسب اوهامهم(الاسلام دين ودولة ) في وطن اصلا متنوع دينياً وثقافيا وله خصوصيته كما في الدول التي تشبهنا في التنوع وعبرت بحكمة وحنكة قادتها ونظرتهم إلي المستقبل الي برِ الأمان (نجيريا /الهند / سنغافورة /ايطاليا/اثيوبيا ..الخ ) ولكنهم أرادوا أن يجعلوا الدين فقط أساس الحقوق بدل المواطنة الحقة وبالتالي ازدراء الآخر الغير مسلم كما أرادوا أيضاً تسليط سيف الدين علي الذين يختلفون معهم سياسيا وتحويل الصراع وتلوينه إلي صراع ديني للإرهاب والابتزاز كما فعل الإخوان المسلمين عملياً بالتضامن مع بعض نواب الطائفية في طرد (نواب الحزب الشيوعي) من البرلمان ١٩٦٥م المنتخبين (في سابقة لم تحدث من قبل ) ومن المستغرب له علي حسب محاضر البرلمان أنه صوّت لصالح طردهم( 151 صوتاً مقابل 12 عضواً ضد القرار وامتنع 6اعضاء فقط) .انتهي . (المرجع مضابط البرلمان1965) . وتمّ بعدها حظر الحزب الشيوعي السوداني من العمل السياسي في ديمقراطية ليبرالية مختلة تسير علي (رجل واحدة ) لا تحترم حتي لوائح مؤسساتها التي تمت صياغتها باياديهم . وهنا لابد الإشارة إلي سابقة تاريخية مشهورة برلمانية قد حدثت عندما أراد الأب الزعيم( فيليب غبوش ) المنتخب أن يتقدم للترشح لرئاسة البرلمان تم رفض طلب ترشيحه من المنصة مما اشهر لهم تساؤلاته الموضوعية كيف لمواطن سوداني غير مسلم في ظل دستوركم أن يترشح لرئاسة الجمهورية ؟ ؟و لم تجد مثل هذه الأسئلة سوي التسويف والإزدراء مما جعل مكونات البرلمان من كتلة البجا والنوبة وكتلة الجنوب ينسحبون من البرلمان . نجد أن الدستور الذي أرادوا من وضعه تمريره ليس له علاقة بالدين او الوطنية بل لأهداف سياسية باتفاق وتؤاطو من( الصادق المهدي والترابي) واتضح جليا ذلك فعندما حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار حل الحزب الشيوعي ، نجدهم قد امتنعوا وقاموا بعدم تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا . حقاً أنها (تراجيديا محزنة) للعمل السياسي. والتناقض بين التأصيل التي يتاجرون به خذلتهم (العلمنة ) في عنوان مفردة وكلمة (الدستور) المزعوم أنه إسلامي وفي الحقيقة أصل كلمة دستور ليست عربية ولا اسلامية وهي كلمة فارسية وتعني الدفتر عند شعب الفرس ولذلك الكلمة مستوردة ويراد الصاقها بالدين الصاقاً) وعليه كيف يمكن لمواطن سوداني غير مسلم في ظل دستور ديني إسلامي أن يترشح لرئاسة الدولة والمفترض أن يكون مواطناً له كامل الحقوق والواجبات والترقيه والترشح لاعلي المناصب والوظائف. . المستغرب أنه في هذا الدستور المزعوم الاسلامي ٦٨م ، تم تمريره في البرلمان بحجة الحفاظ علي الشريعة وثقافة الأمة فخذلهم القالب او المطبخ الذي تم فيه إذ أن (البرلمان ) لانه
ببساطة منتج تطور فكر انساني عالمي يرسخ لمبدأ الديمقراطية والعدالة والمساواة والمواطنة الحقة. و في المقال القادم سوف نجيب علي الأسئلة من اين أتت أزمة بناء الدولة الوطنية ؟ هل هي محض صنع أجيال سابقة ؟ أم هي لعنة وصاية تاريخية يتم توريثها ؟ أم هي خلل في الشخصية السودانية وربطها جميعا بمأزق الهوية ؟ وما هي المحددات لتكوين الهوية !!؟ هل هي الدين أم اللغة أم الثقافة أم الارتباط بالارض وماهي تجارب الدول التي تشبهنا في التنوع ….(نكمل )
ملحوظه ؛ تم نشره من قبل