مرة أخرى وغير أخيرة! لماذا يشوهون محاضراتي باجتزائها من سياقها؟ محاضرتي مع عبد الواحد نموذجاً! ..
محمد جلال أحمد هاشم
الخرطوم – 21 مايو 2022م
مرة أخرى يطفو إلى سطح الأحداث اجتزاءة مقصودة ومتعمدة من فيديو له أكثر من 7 أعوام تعود إلى محاضرة أجريتُها مع الأستاذ عبد الواحد محم النور في مدينة لاهاي بهولندا عام 2015م. في هذا الفيديو استعرضتُ ما ظللت أقوله في مقالاتي وكتبي بخصوص ما أسميتُه “سيناريو شرق أفريقيا”. وقد ظللت أكرر، في كتاباتي ومحاضراتي، وفي هذه المحاضرة بالتحديد، أنني لا أؤمن بالعنف، لكنه كأكاديمي أدرسه كظاهرة ملازمة لصراع السلطة في السودان. كما كررت أن ما أقوله هو تحليل، دون أن أدعو له. أي أنني هنا ألعب دور جماعة الأرصاد والنشرة الجوية، فهم إذا حملوا لك أخباراً سيئة، فهذا لا يعني أنه يتمنونها لك. وقد قام الأستاذ عبد الواحد بالرد على منهجي التحليلي لظاهرة العنف، مبرئاً نفسه منه، وقائلاً بأنه لن يُدير خدّه الأيسر لمن يصفع خدّه الأيمن، بل سيوجه له لكمة في وجهه. ولكن، رغم كل هذا (وهذه الفيديوهات متاحة في صورتها الكاملة، ذلك متى ما توفرت قدرات التفكير النقدي)، ها هي خفافيش الظلام وأعداء الثورة يعيدون للمرة الألف هذا المجتزأ، استثماراً منهم في الجهل الناجم عن انحسار مد التفكير النقدي.
وقد اتصل بي بعض الأصدقاء الخُلصاء ينصحونني بمواجهة هذا الخطاب التشويهي والمتعمد لكلامي في المحاضرة التي شاركت فيها الأستاذ عبد الواحد محمد النور (لاهاي، هولندا، 2015م)، ذلك باعتبار أن مجتزأ كلامي يحتاج مني إلى توضيح موجه نحو من يتخوفون من أن يكون هذا فعلا رأيي وليس مجرد تحليل في مآلات الوضع السياسي السوداني.
في المقابل، جاء ردي لهم بأن هذا التشويه ليس سوى عملية مقصودة لإحداث تشويهات متعمدة تقوم بها جهات كيزانية بعينها تخشى مما أنبّه له. وعليه، ومهما فعلتُ وشرحت (وأنا في الحقيقة قد فعلت وشرحت، وهأنذا أشرح هنا) فهذه الحملة المدبرة التي تستثمر في الجهل سوف تتواصل وتتواصل، مستمرةً في عمليات التشويه. انظروا معي: هذا فيديو مجتزأ من سياقه، وفيه أقول، وبالحرف، بأنني هنا أقدم تحليلات وتوقعات دون أن أكون من دعاة العنف أو المؤمنين بجدواه. وليس عندي من دليل على التشويه المتعمد والاستثمار في الجهل من تصويري على أني شيوعي بينما القاصي والداني يعلم بأنني، طيلة حياتي، لا علاقة لي البتة بالشيوعية فكراً وتنظيماً. هذا مع كامل احترامي للحزب الشيوعي السوداني ومنسوبيه.
وعليكم أن تلاحظوا أنني، حتى في هذا الفيديو المجتزأ، أقول وبالنص: “أنا كمحلل لا أرى غير هذا السيناريو”. فهذا تحليل وليس دعوة. وها هي نُذُر تحليلاتي تتجلى بوضوح في المشهد العام. كل هذه الحملات من قبل خفافيش السياسة لأنهم، أولاً، يشعرون بأن هذا التحليل يذهب في اتجاه ليس في صالحهم. ثانياً، لأنهم يخططون لضرب قوى الثورة ممثلةً في لجان المقاومة، ذلك بحشرها جميعا، وبحشر كل من يشكل خطراً على الكيزان الذين يمثلون سنام قوى الثورة المضادة، من أمثالي بمختلف اتجاهاتهم الفكرية – بحشرهم جميعا داخل سلّة الحزب الشيوعي، تمشياً منهم مع خطتهم المعروفة القائمة على شوطنة الحزب الشيوعي وجميع من يوالونه. هي إذن خطة قديمة، لكنها متجددة، وها هم يكررونها ظنّاً منهم بأنك بمجرد أن تصف شخصا بأنه شيوعي (حتى ولو لم يكن كذلك)، فإن مهمة التخلص منه سياسياً (ولاحقاً جسدياً) سوف يصبح أمراً سهلاً.
إن الكيزان يخططون لمجزرة غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث. لماذا؟ كعربون صداقة للانقلابيين بعسكرهم وجنجويدهم ومليشياتهم وهبوطهم الناعم. ولكني أرى، فيما يرى النائم، أن تخطيطهم هذا سوف يبوء بالفشل المبين، ثم إنه سوف يرتدُّ عليهم فتكون نهايتهم، ذلك عبر بحور من الدماء هي ما نخشاه ونحذر لتجنبه، ولن يصيب المكر السيء إلا أهله.