الفلول والكيزان.. شماعة الضعفاء والفاشلون!!
عبدالغني بريش فيوف
منذ ما يزيد على أربع اشهر، لم تتوقف قذائف ومدافع ميليشيا الجنجويد وسلاحها من استهداف للمنشآت الحكومية من مستشفيات ومدارس وطرق وكباري، ولمنازل المواطنين الأبرياء، مع ممارسة الاغتصاب للنساء والأطفال والرجال معاً. ومع كل هذا لم نسمع من الأحزاب السياسية الكرتونية الخبيثة وحلفائها، ومن الكُتّاب الانتهازيين السفلة، ادانة واضحة وصريحة لهذه الجرائم التي ترقى جميعها -لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، بل سمعنا ووجدناهم، يخوضون حروبا وصراعات ومعارك وهمية ضد (الفلول والكيزان)- نعم نفس الكيزان والفلول، الذين هزمتهم الثورة الشعبية في إبريل 2019م ورمت بهم في مزبلة التأريخ.
الحرب التي اندلعت يوم 15 إبريل 2023م، لم تكن حربا بين الفلول والشارع الثوري الذي سُلب ثورته المجيدة، بل بين الجيش السوداني بقيادة (عبدالفتاح البرهان)، وميليشيا الجنجويد بقيادة (محمد حمدان دقلو)، وكلاهما من نفس مدرسة (العفن والخيانة) -اي بين كوز وابن كوز.. فلماذا لا تدن الأحزاب وحلفائها، جرائم الطرفين والمعروف أن الجرائم لا تتجزأ!!
لماذا تخجل هذه الأحزاب البائسة الكئيبة، ادانة جرائم ميليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، وهي جرائم ادانتها كل المنظمات الحقوقية والانسانية، الداخلية والاقليمية والدولية والعالمية، كونها جرائم لم يشهدها التأريخ البشري والإنساني من قبل من حيث النوع والكم؟
لماذا تنسب تلك الجرائم الفظيعة والرهيبة للفلول والكيزان، وهؤلاء منذ الاطاحة بهم، لا حول ولا قوة لهم وقد تشتتوا كشتات الفلسطينيين؟
هل لانهم الطرف الضعبف والحيطة القصيرة؟
إنحاء اللائمة في كل شيء على الفلول والكيزان ورفض التعاطي مع جرائم ميليشيا الدعم السريع (الجنجويد) والاطراف الاقليمية والدولية المساندة لها، من شأنه اطالة عمر هذه الحرب وتأزيم أزمات السودان.
الأحزاب السياسة في السودان ومعظم المحللين والكُتاب، ينحون بالائمة على ما يجري في السودان من حرب تكاد ان تتحول إلى أهلية شاملة، على الجيش السوداني باعتباره -حسب زعمهم- كيزان وفلول، متجاهلين جرائم ميليشيا الجنجويد وحلفائها.
إن السودان سيبقى في فوضى عارمة اليوم وغداً وبعد غد، ليس فقط لأن الفلول والكيزان هم السبب في مآسيه وأزماته التأريخية، نعم الكيزان والفلول والاسلاميين جزء من هذه الأزمات لثلاثين عاما عجافا، ولكن التركيز عليهم، دون ان يتحمل الآخرين المسؤولية، انما خطأ جسيم وقاتل.
قالوا إذا عُرف السبب بطَل العجب، فالأحزاب السودانية منذ سقوط البشير، دونما استثناء من اليسار إلى اليمين، تتغازل مع (الجنجويد) في الليل والنهار، وإن خجلت تبادلت رسائل العشاق، وأن خافت تبادلت الإيماء، وحينما زال الخوف وسقطت نقطة الحياء، دافعت عن هذه الميليشيا الإجرامية التي تحتل منازل المواطنين وتغتصب النساء والحرائر دون خوف.
اكثر من اربع سنوت وما انقطعت أو توقفت علاقات الأحزاب السودانية البائسة، مع ميليشيا الجنجويد وزعيمها، سرا أو علانية.. ولماذا تنقطع العلاقة، وقد منحها (الزعيم القادم من الخلا) أكثر مما تمنحها الدول، من المال والسلاح والاتساع!!
ملايين الأموال ضختها “آل دقلو” لشراء ذمم كتاب ومثقفين وصحافيين ومؤسسات إعلامية وصحف والمواقع الإلكترونية وأحزاب سياسية وشخصيات معروفة، لكسبها في صفها، وعقدت الصفقات المشبوهة للضغط على الآخرين واستمالتهم لتحقيق أهدافها الدنيئة.
فكم من الأقلام المأجورة سخرتها آل دقلو لتشويه الحقائق الخاصة بحرب 15 إبريل 2023، وادعاء ان الجيش السوداني جيش الكيزان والفلول هم من يخوضون الحرب ضد الجنجويد وأن عبدالفتاح البرهان نفسه كوز كبير!! وكم من الأفواه كممتها آل دقلو للسكوت عن سجلاتها السوداء وجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي ضد اثنية المسياليت والأرنقا وغيرهما من القبائل في دارفور؟
تفننت ميليشيا آل دقلو، في شراء الذمم، واختراق مؤسسات إعلامية وفكرية بالمال الفاسد واستئجار العقول، وأمثلة على ذلك كثيرة جدا لا تعد ولا تحصى.
منذ بداية نجاح الثورة السودانية المجيدة، أضاعت هذه الثقافة البائسة فرصة ذهبية لحل مشكلة السودان حلا جذريا وشاملا، منذ اربع سنوات، سرقت الأحزاب السياسية الثورة من أصحابها، وتاجرت بحقوق ومستقبل شعب مكلوم محموم، كان يمكن له أن ينشئ دولته الجديدة منذ ذلك الحين، وتصوروا معي كيف كان من الممكن لشعب حيوي مثل شعب السوان أن يكون الآن؟
تصوروا معي كيف كان من الممكن لهذا الشعب العظيم أن يكون اليوم، لو لم تسرق ثورته، وهو الذي أنجز خلال ستين عاما ثلاث ثورات ابهرت العالم كله؟
عزيزي القاررئ..
ان إنحاء اللائمة والفشل في كل شيء على الفلول والكيزان، انما دليل عدم أهلية القوى السياسية والأحزاب السودانية لتولي السلطة، ودليل افلاسها السياسي عن مواجهة التحديات، أو الأخطار المصيرية أو تحقيق الأهداف الكبرى.
المؤتمر الوطني منذ حله، أصبح حزبا هزيلا ضعيفا مشلولا، منذ اسقاطه بثورة شعبية عظيمة، وأي كلام على انهم هم السبب في الحرب الدائرة، انما استخفاف بتلك الثورة المجيدة وثوارها الأكارم.
من جهة أخرى.. ماذا قدمت الأحزاب السياسية التي أتقنت على امتداد أكثر من 60 عاما، كيف تكذب على الدولة.. ماذا قدمت لهذا الشعب؟
هذه الأحزاب الطائفية والعائلية العبيطة، نقلت انحرافاتها وعهرها السياسي إلى مؤسسات الدولة، وساهمت في حرمان البلد من الدور الدستوري الذي كان من المفروض أن تلعبه في تأطير المواطنين، وفي نقاشات ديمقراطية من شأنها أن تجعل هذه المؤسسات في خدمة قضايا الشعب، لا في خدمة مصالح فئة من المنتفعين من السودان ما بعد الاستقلال.. فأحزاب بهذا التأريخ من الخزي والعار والإنتهازية، غير مؤهلة سياسيا واخلاقيا ومبادئيا، لإنحاء اللائمة على الآخرين.
الماهرون في شراء الضمائر والذمم، هم حتما صائرون الى مزبلة التاريخ ماداموا عشقوا عبادة المادة وشتى تجلياتها في تشكيل تفكير “جيبي” وتبني الجشع والطمع، كموقف سياسي، يختزل كل مشاكل البلد وأرزاق السودانيين في طموح شخصي.
ما لم يتجرد السودانيين قليلا عما ورثوه من أسلوب في التفكير ونمط في السلوك ويتطهروا ولو برهة من أنجاس النفاق والتدليس والازدواجية والإلغاء والإقصاء والاستبداد وثقافة المؤامرة وكيل التهم، فإن السودان كدولة، إلى الفناء والاختفاء.