تباين في حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان» حول التقارب مع مجموعة «الاتفاق الإطاري»

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أظهر الإعلان عن اقتراب حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان» من التوصل لاتفاق مع المجموعات الموقعة على الاتفاق الإطاري، تباينا داخل الحركتين الرافضتين أساسا للاتفاق.
وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقعت تنظيمات مدنية بينها مكونات «الحرية والتغيير» ومجموعة من الحركات المسلحة، اتفاقا سياسيا إطاريا مع العسكر، نص على الحكم المدني في فترة انتقالية مدتها عامان، تفضي إلى انتخابات.
لكن الكتلة الديمقراطية التي تعد من أبرز مكوناتها حركتا «العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم و«تحرير السودان» بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، رفضت الانضمام، واعتبرت الاتفاق «تسوية ثنائية غير مقبولة».
وبعد اجتماع استمر لست ساعات بين قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وشقيقه عبد الرحيم دقلو، مع مجموعة من قادة الحركتين، باعتبارهم ممثلين للكتلة الديمقراطية، مساء الأحد، أعلن القيادي في «العدل والمساواة» سليمان صندل، توافقهم على 95٪ من القضايا موضوع الخلاف بينهم وبين الموقعين على الاتفاق الإطاري.
استمرار التحركات
وقال في تصريحات صحافية، إنهم «سيواصلون التشاور مع الموقعين على الاتفاق الإطاري، ضمن مبادرة أطلقها حميدتي، لتكملة ما تبقى من قضايا، وصولاً للتوقيع على الاتفاق الإطاري».
وأكد «استمرار التحركات للوصول إلى حل سوداني ـ سوداني شامل، يجنب البلاد الدخول في معترك الفوضى والاحتراب والتشظي، وإعلاء شأن الوطن والترفع عن الصغائر والأغراض الحزبية الضيقة، والنظر إلى ثورة الشعب السوداني، الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل الحرية والسلام والعدالة» على حد قوله.
وأشار إلى أن «حميدتي، شدد كذلك على أهمية استمرار الحوار، واستكمال ما تبقى من قضايا لا تتجاوز 5٪، وأنه ليس هناك منطق أو مبرر لإهدار هذا القدر من الاتفاق بين الأطراف، طالما أن هناك أكثر من خمسة وتسعين في المئة من القضايا تم الاتفاق بشأنها».
ضرورة الحوار
وحذر من «المخاطر الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، التي تواجه البلاد» مشددا على أنه «ليس بمقدور أي جهة مواجهتها منفردة».
وأرجع ذلك إلى «تشظي القوى السياسية والانقسامات والاستقطابات الحادة، والتدخلات الخارجية» مبيناً أن كل ذلك «يستوجب الحوار» مشيرا إلى «مضيهم قدماً، من أجل التوصل إلى اتفاق يفضي إلى التوقيع على الاتفاق الإطاري».
والقضايا التي لا تزال قيد الحوار بين الجانبين، حسب تصريحات سابقة لصندل، تتعلق بإصلاح قطاعي الأمن والقضاء.
وتضم الكتلة الديمقراطية التي تكونت بالتزامن مع توقيع الاتفاق الإطاري، بالإضافة إلى حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان» فصيلا من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة جعفر الميرغني، ومكونات عشائرية بينها ناظر قبائل الهدندوة في شرق السودان محمد الأمين ترك، والذي يشغل منصب نائب رئيس الكتلة، وأحزابا صغيرة بعضها تكون حديثا.
قادة تحدثوا عن توافق بنسبة 95%… وآخرون أشاروا إلى قضايا خلافية
ودعمت مكونات الكتلة انقلاب القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بعدما خرج بعض مكوناتها من تحالف «الحرية والتغيير».
ورفض المجلس المركزي لـ «الحرية والتغيير» الحوار مع مكونات الكتلة من غير الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، معتبرا إياها «مجموعة تكونت من المعرقلين للانتقال الديمقراطي وتهدف إلى إغراق العملية السياسية».
غير أن التحالف الحاكم السابق والذي يعد من أبرز الفاعلين السياسيين في البلاد، عاد وأبدى استعداده لانضمام حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان» للعملية السياسية على الرغم من مواقفهم السابقة باعتبارهم أطراف سلام نص الاتفاق الإطاري على وجودهم ضمن مكونات المرحلة الانتقالية المقبلة.
«لا تمثلنا»
في المقابل، يبدو أن الخطوة التي قام بها عدد من قادة حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان» لم تجد قبولا من مكونات الكتلة الأخرى، والتي قالت في بيان، أمس الإثنين، إن التصريحات بخصوص اللقاء مع «حميدتي» أحدثت» بعض اللبس وإنها لا تمثلهم».
وقال مناوي، حسب «دارفور 24» إن الاجتماع الذي دعا له «حميدتي» انتهى على وعود باستئناف الحوار، مؤكدا أن القضايا الخلافية لا تزال عالقة، وأن تحديد الوصول لاتفاق بنسبة 95٪ غير دقيق.
وشدد بيان لمكتب إعلام الكتلة الديمقراطية على أن «اللقاءات بين قيادات في المجلس المركزي للحرية والتغيير والكتلة، لم تكن ذات طابع رسمي».
وقال إن «الأطراف التي حضرت اللقاء أصدرت تصريحاتها دون الرجوع إلى الكتلة» معتبرا ذلك «خطأً إجرائيا يجب تجنبه في المستقبل».
وأكد أن المحادثات التي وصفتها بـ «غير الرسمية» التي جرت قبل أسابيع بين أفراد من الكتلة ومن جماعة المجلس المركزي وأن الحديث عن نسب لاتفاق تم في قضايا لا يعني الكثير، وقد يحدث ربكة من غير حقيقة أو ضرورة» وفق البيان. وبينت الكتلة أنها «على الدوام مع الحوار السوداني السوداني وعلى استعداد تام للجلوس مع كل الأطراف السودانية لإخراج البلاد من أزمتها السياسية الراهنة، وأنها ستستمر في سعيها لتحقيق وفاق وطني عريض لا يستثني إلا حزب المؤتمر الوطني الحاكم في نظام الرئيس المعزول عمر البشير».
وأشارت إلى أن البرهان «قد حاول خلال الفترة الماضية جمع الكتلة مع المجلس المركزي لتحقيق الوفاق بين الكتلتين» لافتة الى أن «الحرية والتغيير خذلته برفضها الجلوس مع الكتلة».
وأضافت: أن «حميدتي كذلك بذل جهودا في تسهيل لقاءات غير رسمية بين قيادات من الطرفين، وأنها جاءت لجمع الأطراف في حوار رسمي» مؤكدة أن «الكتلة ماضية في استجابتها لدعوة جمهورية مصر العربية لتسهيل حوار سوداني سوداني خالص».
وقالت إنها «تتطلع إلى أن يدفع لقاء القاهرة إلى تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف السودانية التي قبلت الدعوة» مؤكدة أن «قبولها المشاركة في الحوار المصري يتسق مع لقاءاتها مع أي من الأطراف السودانية ولا يتعارض معها».
وكان المجلس المركزي «للحرية والتغيير» قد رفض دعوة مقدمة من الحكومة المصرية عبر القنصل العام المصري في الخرطوم، تامر منير، للمشاركة في ورشة عمل في القاهرة في الفترة من 1 وحتى 8 فبراير/ شباط المقبل تحت عنوان: «آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع» حيث عرّفت الدعوة الهدف من الورشة بأن تكون منبراً لحوار جاد يؤدي لتوافق سوداني سوداني.
وفي التاسع من الشهر الجاري، أعلنت الأطراف السودانية الموقعة على الاتفاق الإطاري، والآلية الدولية الثلاثية الميسرة للحوار، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد، انطلاق المرحلة الأخيرة من العملية السياسية في البلاد والتي من المنتظر أن تفضي إلى اتفاق نهائي في فبراير/ شباط المقبل، بعد التوافق على 5 قضايا أجلها الاتفاق الإطاري تشمل العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري، بالإضافة إلى تفكيك النظام السابق وتقييم اتفاق السلام وحل أزمة شرق السودان.