أخبار

السودان: تضارب مواقف القوى السياسية حول رؤية تحالف المعارضة للحل

أيدها حزب الترابي وأنصار السنة وقاطعها «الشيوعي» و«لجان المقاومة»… والمكوّن العسكري صامت

الخرطوم: أحمد يونس

أثار إعلان تحالف المعارضة «الحرية والتغيير» رؤيته للعملية السياسية للتفاوض مع المكون العسكري، المستندة إلى مشروع الدستور الانتقالي المقدم من نقابة المحامين السودانيين، ردود فعل متباينة، تتراوح بين التأييد والرفض القاطع، من عدد من القوى السياسية والاجتماعية، فيما لم يدلِ المكون العسكري بأي تصريحات.

وكشف تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» الذي كان يقود الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، أول من أمس، عن رؤية سياسية تضمنت تسمية رئيس للدولة ورئيس للوزراء من المدنيين، ومجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء، يضم العسكريين ومكونات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا. وفور الإعلان عن هذه الرؤية السياسية، صدرت ردود فعل متباينة إزاءها، إذ أعلن حزبا «المؤتمر الشعبي» و«جماعة أنصار السنة»، تأييدهما لتلك الرؤية، وقالا في بيان مشترك إنهما يؤيدان «مشروع التسوية السياسية على الأساس الدستوري الذي ابتدرته المجموعة التي انتظمت في دار نقابة المحامين»، ودعوا القوى الوطنية للالتفاف حولها لإنقاذ البلاد مما سمياه حالة «التردي والتشظي والتشفي».

وأسس حزب «المؤتمر الشعبي» زعيم الإسلاميين السودانيين الراحل حسن الترابي، بعيد انشقاقه عن حزب «المؤتمر الوطني» الذي كان يحكم البلاد وقتها، ودارت بين الحزبين معارك سياسية اعتقل خلالها عدد من أعضاء الحزب، بمن فيهم الترابي، بيد أن الحزب عاد للمشاركة في آخر حكومات عمر البشير، لكنه عاد وأعلن رفضه للإجراءات العسكرية في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وشارك في إعداد وثيقة الدستور الانتقالي التي يؤيدها تحالف «الحرية والتغيير».

وصدرت عن رئيس «حركة تحرير السودان» الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، مني أركو مناوي، وهو يحكم إقليم دارفور حالياً، مواقف متناقضة بحسب صفحاته على وسائط التواصل الاجتماعي. وقال، وفقاً لحسابه في «تويتر»، إنه وبعد اطلاعه على رؤية «الحرية والتغيير»، يعلن ترحيبه بها باعتبارها تحتوي موقفاً «عقلانياً». وأضاف: «على الرغم من تحفظنا تجاه اللغة وتوزيع الحصص والحقائب والحقوق، فإن هذا يستحق الاحترام كجهد من الجهود السودانية المطروحة في الساحة». من جهته، أعلن الحزب الشيوعي السوداني رفضه القاطع لأي مشاريع تسوية مع العسكريين، وجدد موقفه المعلن المتمثل في «إسقاط الانقلاب عبر الإضراب السياسي العام والعصيان المدني» وإحداث تغيير جذري.

وعلى غرار الحزب الشيوعي، أعلنت «حركة القوى الجديدة» (حق)، المنشقة عن الحزب، في بيان أصدرته، أنها تعترض على رؤية «الحرية والتغيير»، وعلى أي مفاوضات قبل بناء ما سمتها «الجبهة المدنية الديمقراطية الواسعة». واعتبرت الحركة أن ما ورد في الرؤية «تناول معمم لقضايا العدالة»، وطالبت بتجميد اتفاق جوبا للسلام، وأضافت: «على الرغم من اتفاقنا على ضرورة العملية السياسية باعتبارها الحل الأفضل والأقل تكلفة… فإننا نرى أن قوى الحرية والتغيير لا تملك تفويضاً لإبرام أي اتفاق نيابة عن الشعب السوداني».

وكان كل من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة ياسر عرمان، و«حزب البعث العربي الاشتراكي»، قد أعلنا رفضهما لأي تسوية يشارك فيها قادة المكون العسكري الحاليون، بيد أنهما احتفظا رغم ذلك بعضويتهما في تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، ومشاركتهما في إعداد مشروع الدستور الانتقالي مع نقابة المحامين.

وأعلن عدد من «لجان المقاومة» رفضها القاطع لأي تفاوض مع العسكريين، ووصفت ما تقوم به «الحرية والتغيير» بأنه «بيع لدماء الشهداء»، وهددت بـ«إسقاط الانقلاب» و«الحرية والتغيير» معاً، ودعت لمواكب مليونية يومي 21 و25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بالتزامن مع ذكرى ثورة أكتوبر 1964، ومرور عام على الإجراءات العسكرية التي أقصت الحكومة المدنية.

من جهة أخرى، نظم مئات المحامين موكباً تضامنياً أطلقوا عليه «موكب العدالة»، سلموا خلاله مذكرة للنائب العام احتجاجاً على اعتقال المحامي والقيادي في «لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو»، وجدي صالح، والمقبوض عليه بتهم اعتبرها زملاؤه المحامون ونقابة المحامين «كيدية» وتعسفية ومخالفة للقانون، وطالبوا بشطب البلاغ وإطلاق سراحه. وكانت النيابة العامة أعلنت في الصحف اليومية أنها تعتبر المحامي وجدي صالح «متهماً هارباً»، وطالبته بتسليم نفسه لأقرب مركز شرطة، على الرغم من أنها لم تطلب منه الحضور أو تستدعيه، ثم سارع الرجل لتسليم نفسه للسلطات، ولا يزال قيد الحبس منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وخلال فترة حبسه اتخذت السلطات إجراءات تعسفية بحقه اعتبرها الرجل محاولة لثنيه عن معارضته الصارخة للانقلاب. وقال وجدي صالح في تصريحات تعليقاً على حبسه، إنها محاولة لكسر شوكته وتشويه سمعته واغتيال شخصيته، ونفى أن يكون هارباً، فيما قال رئيس حزب «المؤتمر السوداني»، عمر الدقير، إن ما حدث لصالح هو استخدام لمؤسسات العدالة في الكيد السياسي.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى