جدل واسع في الشرق بعد منع السلطات السودانية وفدًا من دخول إريتريا
قال الأمين السياسي للجبهة الشعبية بشرق السودان وعضو الوفد الممنوع من العبور إلى دولة إريتريا جعفر محمد الحسن – قال إن “منع الزيارة من قبل حكومة المركز يدل على صحة ما قلناه مسبقًا حول قضية الشرق وكونها موضع للمساومات وكروت الضغط ومحط استقطاب المركز”.
ضمّ الوفد الجبهة الشعبية المتحدة ومؤتمر البجا وناظر الهدندوة وناظر الحباب وعددًا من القيادات الأهلية الأخرى
وأضاف الحسن في تصريح لـ”الترا سودان”: “تلقينا دعوة رسمية من الحكومة الإريترية عبر سفارتها بالخرطوم”، مشيرًا إلى استعدادهم “كتنظيم سياسي” لمناقشة القضايا وإلى جلوسهم مسبقًا مع “الإخوة المصريين”. وذكر أن ما تم الآن قد تم من قبل مع مصر “بصورة عفوية” ولم يستأذنوا حكومة الخرطوم وقتها، ولفت إلى أن ما حدث بالأمس أحد الأساليب التي يتعامل بها المركز مع قضية شرق السودان – على حد قوله.
وكان الرئيس الإريتري أسياس أفورقي قد دعا قيادات شرق السودان السياسية والأهلية عبر سفارة إريتريا بالخرطوم للقاء تشاوري حول قضايا شرق السودان.
أجندة الزيارة
وبالسؤال عن أجندة الزيارة، قال جعفر الحسن أن الزيارة جاءت لمناقشة ما أسماها “القضايا المصيرية” في شرق السودان من حكم وعدالة واستقرار وغيرها. ومضى الحسن قائلًا: “إن الشكل المرسوم للنقاش كان سيتم بيننا كأطراف بتسهيل من الحكومة الإريترية باعتبارها صاحبة مصلحة كبيرة في استقرار السودان”، مشيرًا إلى عدد من الأطراف المشاركة في الوفد الذي ضمّ الجبهة الشعبية المتحدة ومؤتمر البجا وناظر الهدندوة وناظر الحباب وعددًا من القيادات الأهلية الأخرى.
وكشف الحسن عن توقيفهم في منطقة العبور البري في الحدود السودانية الإريترية في منطقة “اللفة”. ولفت إلى أن السلطات الأمنية بالمعبر رفضت منحهم “تأشيرة دخول” إلى إريتريا بحجة عدم تلقي الأوامر من حكومة المركز ومن دون توضيح أسباب للمنع – على حد قوله. وأشار الحسن إلى وجود مساعٍ من الأطراف الحكومية السودانية والإريترية لتسفير الوفد اليوم مجددًا.
إريتريا والشأن الداخلي
ويرى الأمين السياسي لحركة العدل المساواة في ولاية كسلا علي عمر أنه لا بد من مناقشة جميع قضايا الشرق المختلف فيها عبر حوار سوداني – سوداني وبرعاية سودانية خالصة – على حد تعبيره. وقال عمر لـ”الترا سودان” إنهم يفضلون مناقشة قضاياهم داخليًا. وأضاف: “لا يوجد فصيل لا يجد الحرية في الحركة والتعبير، لذا لا سبب يدعو إلى نقل الحوار إلى خارج البلاد”.
وبحسب عمر، فالزيارة التي كانت ستقوم بها القيادات الأهلية والسياسية والاجتماعية إلى أسمرا لحضور ما يسمى “المؤتمر المصيري” بدعوة من الرئيس الإريتري، فيها “خطر كبير على أمن المنطقة والدولة ككل” – على حد تعبيره. ولفت إلى أن هذه القيادات “متصارعة”، وأشار إلى أنها “قد لا تعرف كيف تخرج وتحافظ على المعلومات التي تخص البلاد ويمكن أن تبوح بكل معلومات شرق السودان لدولة أجنبية لديها أطماع داخل البلاد” – على حد تعبيره.
ووصف الأمين السياسي لحركة العدل والمساوة في ولاية كسلا رفض حكومة المركز لهذا التوجه بالأمر “الجيد”، مشيرًا إلى “توتر العلاقة بين السودان وإريتريا”، ولافتًا إلى أنها تقع في خانة “اللا سلم واللا حرب” نظرًا إلى إغلاق الحدود البرية منذ سقوط البشير – على حد قوله.
وأضاف عمر أن إريتريا عندما تقرر وتطالب بالتدخل لحل بعض الإشكالات داخل الدولة السودانية عليها السماح كذلك للسودان وقيادته بالتدخل لتأمين وضعه المتصل بإريتريا – وفقًا لقوله. وتابع: “ما يجعلنا نقف ضد هذه الزيارة أكثر هو أنها لم تتم بتنسيق مع الحكومة السودانية”، لافتًا إلى التزام السودان بـ”حسن الجوار” ومطالبًا إريتريا بالتعامل بالمثل.
مكون الشكرية يدين الحكومتين
وفي السياق نفسه، عدّت نظارة الشكرية (إحدى المكونات القبلية بشرق السودان) ما حدث “خرقًا واضحًا” للمواثيق والقوانين الدولية. وتساءل بيانٌ للنظارة اطلع عليه “الترا سودان” عن موقف حكومة السودان مما حدث، معربًا عن رفض الشكرية لتصرف الحكومتين الإريترية والسودانية “من ترك أمر شرق السودان حكرًا على مكونات بعينها” مع جهل من أسماهم “الأغلبية الصامتة”.
ومضى البيان: “إننا نعجب ونسخر من البعض عندما ينادي بانفصال شرق السودان لرفع سقف المطالب”. وتابع: “ونعجب أيضًا أن يصدق الآخرون هذا الادعاء وكأن شرق السودان حكر على أحد”، منتقدًا وقوف الحكومة “موقف المتفرج”.
ظلال سالبة
ويصف المحلل السياسي والصحفي المتخصص بقضايا شرق السودان محمد عثمان الرضي خطوة السلطات السودانية بمنعها وفد القيادات والرموز الأهلية والسياسية من الدخول إلى دولة إريتريا بأنها “غلطة تاريخية لا تغتفر”، لافتًا إلى أنها أدت إلى رفع أسهم الحكومة الإرترية وأظهرتها بمظهر الحريص على أمن شرق السودان وسلامة نسيجه الاجتماعي – على حد قوله.
وأضاف عبر صفحته على “فيسبوك” قائًلا: “أعدت دولة إرتريا برنامجًا حافلًا بزيارات للوفد السوداني إلى الأقاليم الإرترية والوقوف على حجم الإنجازات التنموية في برامج البنى التحتية”. وكانت الزيارة -على حد قوله- “فرصة للوفد للوقوف على التجربة الإريترية في نبذ العنصرية والجهوية”، موضحًا أن الحادثة ستلقي بـ”ظلال سالبة” وتضعف الثقة بين الطرفين.
الأمن الحدودي
وفي سياق متصل، يرى الناشط في قضايا شرق السودان خالد محمد نور أن دعوة الحكومة الإريترية للقيادات السياسية والإدارات الأهلية بشرق السودان تهدف إلى “حفظ الأمن الحدودي لإريتريا”.
وقال نور لـ”الترا سودان”: “إن الغريب في الأمر هو رفض الحكومة السودانية في اللحظة الأخيرة، ولا يمكن التنبؤ بالطريقة التي سترد بها الحكومة الإريترية”، لافتًا إلى أن الحادثة “قد تخلق أزمة دبلوماسية بين البلدين”.
خالد نور: لا يمكن التنبؤ برد الحكومة الإريترية وقد تخلق الحادثة أزمة دبلوماسية بين البلدين
وتابع نور: “شرق السودان مهم جدًا لأسياس أفورقي لوجود مساحة شاسعة من الحدود المفتوحة”، مشيرًا إلى أنه “لا طاقة له بحماية إريتريا في حال نشوب أيّ توترات في الشرق”. وأضاف: “من الواضح أن طبيعة الدعوة تصب في الحفاظ على الأمن الإستراتيجي لإريتريا”.