إلا تمطر حصو !!
أطياف
صباح محمد الحسن
يتبادل قادة المجلس الإنقلابي الأدوار في تقديم الخطابات الخادعة ، التي تتحدث عن الزهد ورغبة التخلي عن ممارسة السياسة زيفاً ، ذلك الحديث الإعلامي الذي لايصحبه او يتبعه قرار جاد في تعديل ( الصورة المقلوبة ) فبعد ان فشل البرهان في تمرير خطابه الذي اعلن فيه إنسحاب المكون العسكري من حوار الآلية الثلاثية ، والذي تم رفضه وإعتبرته القوى السياسية والثورية مناورة مكشوفة وتراجعاً تكتيكياً، وقالت انها خدعة لن تنطلي على الشعب السوداني الذي سيستمر في مقاومته السلمية ، وخرج الشارع مناهضاً للقرار في أكثر من موكب وواصل نضاله ضد الإنقلاب وطالب بإسقاط اللجنة الأمنية للبشير
بعد ذلك علم العسكر أن خطاب البرهان الذي أعده المكتب السياسي الكيزاني (راح شمار في ورقه ) وأن الازمات السياسية و الإقتصادية والأمنية التي تشهدها البلاد جعلت قادة الإنقلاب في مأزق كبير ، لذلك إعتلى نائب المجلس الانقلابي المسرح من جديد ليقدم دور آخر من ادوار المسرحية للحصول على تصفيق من قبل الجمهور الذي منعه الوعي من ذلك عندما استمع لخطاب البرهان
فبيان الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي” هو بيان لايختلف كثيرا عن خطاب الفريق البرهان بيد ان دقلو قام ( بشوية إضافات ) حتى تكون الطبخة ذات نكهة شهية ومحفزة فالرجل تحدث عن إصلاح المنظومة العسكرية والأمنية وتنفيذ إتفاق جوبا لسلام السودان بما في ذلك بند الترتيبات الأمنية المنصوص عليها وصولاً لجيش واحد مهني يعكس تعدد السودان وتنوعه، ويحافظ على أمن البلاد وسيادتها ويصد كل أشكال العدوان ضدها ،كما جدد الدعوة لحملة السلاح للانضمام للسلام
وهذا كله حديث ( فالصو ) فدقلو لم يقل انه يعلن الآن من موقعه موافقته على دمج الدعم السريع في الجيش السوداني فالحديث عن جيش وطني موحد هو مطلب ثوري و حميدتي قال انه يلتزم بتحقيق أهداف ومطالب ثورة ديسمبر (على حد تعبيره) إذن الثورة لاتحتاج الي وعود من دقلو تحتاج الي قرار يجعل مطلب إصلاح المؤسسة العسكرية واقعاً ، فالعمل (سوياً ) هذه لاتعنيها في شي
ويتحدث دقلو نفاقاً ويقول إنه صُدم بحجم الدمار الذي خلفته سنوات الحروب والتهميش وحجم الصراعات والخلافات بين مكونات إقليم دارفور وانتشار الفقر وسوء الخدمات وغياب الدولة
وهذا هو المضحك المبكي أن دقلو ( مصدوم ) فمن الذي تسبب في صراع دارفور ومن الذي قتل أهلها وشرد المواطنين ومن الذي خلف الدمار فيها وتسبب في الفقر والسوء كما أن حميدتي ( المندهش ) من غياب الدولة أليس هو نفسه الدولة !!
وغريب أنه واحد من الذين إحتوا بعض القبائل ونصروها على قبائل اخرى ورسم حميدتي الحدود من جديد في الشرق على اساس قبلي ، ليأتي اليوم ويتحدث عن ضرورة إنهاء كل أشكال التمييز فيها
فالرجل ( الطيب ) يقول أن كل البشر متساوون ولا فرق بين جهة وأخرى أو قبيلة وأخرى أو عرق وآخر وكلنا بشر خلقنا الله ( ياحافظ ياحفيظ) !!
فإن أراد دقلو ان يتخلى عن السياسة مثلما يقول ليكن اكثر شجاعة وليعلن هو البرهان (سوياً) مثلما شاركا في صيغاته معاً عن إنهاء الإنقلاب فالحديث عن إنسحابهما من المشهد السياسي حتى يحدث توافق سياسي هو استهلاك سياسي لاينقصه (الإستهبال ) وهي يندرج تحت لائحة الحيل الكيزانية والعسكرية لخديعة المجتمع الدولي ، وإبداء حسن نية ( سيئة في الأصل ) ، فوعي الشارع اعمق من هذه الأكاذيب فإما الصدق والقرار ، وأما أن ينتظر حميدتي حتى تمطر حصو .
طيف أخير :
الطريقة الوحيدة للإنتصار هي اللامبالاة بالأشياء التي نكرهها وتزعجنا في البشر
الجريدة