السودان: المعارضة تحشد لتظاهرة «مليونية» الخميس… وزيارة قريبة لوفد أمريكي
الخرطوم ـ «القدس العربي»:
مع اقتراب تظاهرات 30 يونيو/ حزيران، يوم الخميس المقبل، الداعية لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذي مضى عليه 8 أشهر، ارتفعت وتيرة الحراك السياسي في البلاد، إذ أشارت مصادر محلية، إلى زيارة مرتقبة لوفد أمريكي للبلاد في الأيام المقبلة، عقب أسابيع من زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في، في الوقت الذي تستمر فيه الآلية الثلاثية المشتركة في اجتماعاتها مع الفرقاء، بعد تعليق المحادثات المباشرة قبل نحو أسبوعين.
وأعلنت الآلية، أمس الأحد، عن عقدها اجتماعاً مع حزب الأمة القومي، حيث “ناقش الاجتماع العملية السياسية وآفاق الحل للمأزق السياسي الراهن”، حسب بيان لها.
وانطلقت أمس تظاهرات دعائية في معظم أحياء العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من الولايات، حيث انخرط ممثلون لـ” قوى الحرية والتغيير” و”لجان المقاومة” في مخاطبات في الولايات، للتحضير لمليونية الخميس.
وتأتي رمزية يوم 30 يونيو/ حزيران، بسبب خروج ملايين السودانيين في اليوم نفسه عام 2019، بعد نحو شهر من فض اعتصام القيادة العامة الذي راح ضحيته المئات.
وأجبرت تلك التظاهرات المليونية المجلس العسكري الانتقالي وقتها للجلوس مع قوى “الحرية والتغيير” وإعادة التفاوض معها، وهو التفاوض الذي أثمر عن التوقيع على الوثيقة الدستورية في أغسطس/ آب 2019، والتي تقاسم بموجبها المدنيون والعسكريون السلطة، قبل أن ينقلب عليها العسكريون في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ومنذ الانقلاب العسكري في البلاد، قتل 104 أشخاص وأصيب الآلاف، فيما اعتقل المئات، بجانب استعادة جهاز المخابرات العامة لسلطاته في القبض والاعتقال، مما جعله متحكماً في المشهد الأمني في البلاد.
وجابت المواكب الدعائية الأحياء والأسواق، ظهيرة ومساء أمس، وقدمت لجان المقاومة مخاطبات دعت خلالها لتظاهرات 30 يونيو/ حزيران، مؤكدة على رفض الحوار والشراكة مع المجلس العسكري.
وقفة احتجاجية
وقالت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم في بيان مشترك، إن “التحضير للثلاثين من يونيو هو تحويل لكل شكل من أشكال الحياة اليومية إلى دعوات لهذا اليوم، في أماكن العمل والمواصلات والمناسبات الاجتماعية والثقافية والرياضية”.
في الإطار نفسه، نفذت أجسام مهنية ونقابية وحرفية، وقفة احتجاجية أمام مكتب مسجل تنظيمات العمل رفضاً لإعادة نقابات نظام المؤتمر الوطني المحلول، واستعداداً للإضرابات المقبلة والعصيان الشامل.
فيما أكدت لجنة اطباء السودان المركزية، ان الجيش الأبيض سيقول كلمته في تظاهرات 30 يونيو. وأشارت اللجنة إلى أن الثلاثين من يونيو يصادف حملة تحريم وتجريم استخدام العنف ضد التظاهرات واستخدام سلاح الخرطوش (الطلق الناري المتناثر).
في مقابل حراك الشارع السوداني، بدأت قوى سياسية محسوبة على العسكر وكانت ضمن الأحزاب التي شاركت نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير السلطة، في خطوات لتعزيز الحاضنة السياسية للعسكر، وتوفيق الأوضاع التنظيمية في داخلها.
وفي السياق، أعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، عن صدور قرارات من رئيس الحزب زعيم طائفة الختمية، محمد عثمان الميرغني، بتسمية إبراهيم الميرغني أمينا للقطاع السياسي، وعثمان حلمي مقررا للقطاع السياسي، وعثمان الشايقي أمينا للقطاع التنظيمي، وحافظ سيد أحمد مقررا للتنظيم.
وسمى القرار الفاتح السر للأمانة المالية، وبخاري الجعلي للجنة الانتخابات، واللواء محمد ميرغني لدور الحزب وآخرين.
وقال نائب رئيس الحزب، جعفر الصادق الميرغني، إن قرار الرئيس بهيكلة الحزب وتعيين مساعدين ومستشارين وتكوين لجان للانتخابات الهدف منه الدخول في مرحلة جديدة، في ترتيب وتطوير لأداء الحزب من أجل الوصول لمؤسسة وصفها بالعملاقة تلبي طموحات الشعب والبلد وتسعى لحكم البلاد.
وقبل عدة أشهر، عقد الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل مؤتمراً في العاصمة المصرية القاهرة بمشاركة أحزاب أخرى، فيما فهم في إطار محاولة خلق حاضنة سياسية للعسكر.
وأشار جعفر الصادق، في مؤتمر صحافي أول أمس السبت، إلى ضرورة قيام فترة انتقالية قصيرة، واختيار حكومة كفاءات مستقلة بعيداً عن المحاصصات الحزبية، معلناً عن جاهزيتهم لخوض الانتخابات المقبلة. وأضاف أن الشراكة بين المدنيين والعسكريين ثبت عدم جدواها، لذلك نرى ضرورة الفصل بين المدنيين والعسكريين، وأن يتولى مجلس عسكري انتقالي قيادة الفترة الانتقالية برئاسة القائد العام للقوات المسلحة.
وفيما يلي منصب رئيس الوزراء، دعا إلى توافق القوى السياسية، على تعيين رئيس وزراء مستقل.
وفي مارس/ آذار الماضي، وقعت 6 فصائل اتحادية في العاصمة المصرية القاهرة على إعلان سياسي، قالت إنه يهدف لتوحيد الحزب الاتحادي الديمقراطي بعد انشقاقات طالته منذ سنوات بعيدة. في وقت أكدت أحزاب اتحادية لم توقع على الإعلان، أن المكون العسكري، دعم اجتماع القاهرة للبحث عن حلفاء سياسيين جدد.
وفي وقت سابق، من الشهر نفسه أعلن رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل عن طرح مبادرة سياسية تسعى لإنهاء الأزمة السياسية، قبل أن يشير إلى اقتراب عودته للسودان بعد غياب لنحو عقد، وذلك بالتزامن مع لقاء جمعه بالقائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان.
وفي عام 2012، أعلن الحزب مشاركته في السلطة مع نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، واستمر معه في السلطة حتى سقوطه في أبريل/ نيسان 2019. وقالت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم، إن تظاهرات الثلاثين من يونيو/ حزيران، تقترب والإعداد لها يسير على قدم وساق، والترتيبات من كل اللجان والتنسيقيات لم ولن تتوقف.
وأكدت اللجان أن التحضير للثلاثين من يونيو هو تحويل لكل شكل من أشكال الحياة اليومية إلى دعوات لهذا اليوم العظيم، وأن كل فرد في منظومة يمكنه العمل من الاستيقاظ وحتى النوم للدعوة للثلاثين الميمون، في أماكن العمل، المواصلات المناسبات الاجتماعية، الثقافية، الرياضية والمجموعات الإسفيرية، كلها ميادين نعمل عليها وفيها سوياً دون كلل أو ملل.
ودعا البيان المتظاهرين إلى جعل الدعوة للخروج في الثلاثين من يونيو فعلاً يومياً في كل مناشط الحياة، ولنبذ الخلافات الصغيرة، مشيرا إلى إن الهدف أكبر وأن المعارضة يمكن أن تسير في عدة طرق لكن وجهتها واحدة وهدفها واحد.
«يوم مشهود»
كما دعا مؤيدي الثورة خارج السودان، إلى جعل الثلاثين من يونيو يوماً مشهوداً في كل المهاجر والمنافي. كما أشار إلى أن الذين يقفون على الحياد، يجب أن يعلموا أن هذه المعركة أخلاقية، وأنه عند الموقف الأخلاقية لا مكان للحياد، وأن التدهور الحالي رغم سوئه ليس نهاية المطاف بل هو البداية، في ظل حكم العسكر.
ووجه رسالة إلى الأجهزة الأمنية، مشيراً إلى أنه طوال التاريخ لم ينتصر مستبد على شعبه، وأنه مهما تطاول الظلم وحشد الظالم آلته العسكرية فمصيره “مزبلة التاريخ”.
وقال: “لكم في النظام السابق مثال قريب، وضعوا نصب أعينكم أن الديكتاتور أول ما يضحي يضحي بالجند ويلبسهم جرمه، ولكم في حديث البرهان دليل، ووقوف قتلة “الشهداء” أمام المحاكم اليوم دليل أكبر، فالتزموا جانب شعبكم وأهلكم” .
وفي رسالة وجهها إلى الانقلاب العسكري، شدد على أن عهد الانقلابات في السودان ولى وانتهى، قبل أن تدعوهم للتسليم بدون شروط، وعدم التورط في المزيد من الوحل والإجرام.
وأكدت أن الثلاثين من يونيو/حزيران ليس ختام موجات الثورة ربما، ولكنه (تسونامي) سيحطم قلاع الانقلاب ويجعله عارياً أمام موجاتٍ قادمة، وأن النصر آتٍ تحرسه آمال الشعب وأرواح الشهداء.
ومنذ عدة أسابيع انخرطت لجان المقاومة السودانية، في عملية لتوحيد مواثيقها قبل انطلاق التظاهرات.
وتعيش البلاد حالة من الاستقطاب السياسي الحاد، بجانب انتشار شائعات وأخبار تخويفية تُحرض على عدم التظاهر في ذلك اليوم.
في الأثناء، أكد نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، أن السودان تحيط به مؤامرات غير مسبوقة من صنع أبنائه. وقال إن ذلك يعود لغياب ما وصفها بالرؤية الوطنية الرشيدة التي تعلي من شأن الوطن، وتغليب المصالح الوطنية العليا بدلا من تغليب المصالح السياسية الحزبية الضيقة.
ويزور “حميدتي” إقليم دارفور الذي يشهد دوامة من العنف والصراعات أودت بحياة المئات، يرافقه عضوا المجلس السيادي، الطاهر حجر والهادي إدريس.