بيانات وحوارات

سياسي سوداني لـ”عربي21″: الحوار المباشر لن ينهي الأزمة

قال أمين الإعلام والناطق الرسمي باسم “الجبهة الوطنية للتغيير” في السودان، محمود الجمل، إن الحوار السياسي المباشر الذي من المرتقب أن تشهده البلاد خلال أيام قليلة “لن ينهي الأزمة القائمة، ولن يحدث أي تحول ملموس في المشهد السوداني”، مشيرا إلى أن “الشارع لن يهدأ بعد انطلاق هذا الحوار”.

ولفت الجمل، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، إلى أنه لم يتم توجيه دعوة لهم من أجل المشاركة في هذا الحوار، مضيفا أن “هذا دأب الحكومة الحالية، دائما ما تتعامل مع فئة بعينها وترك الفئة الأخرى، ولذلك كان الفشل حليفها في كل مرة”.

وطالب بضرورة “العمل على إقامة انتخابات حرة ونزيهة في أقرب وقت، وبإشراف جهات مختصة محلية وعالمية، كي تأتي الانتخابات بحكومة يكون هدفها الأول هو إصلاح العملية السياسية والاقتصادية في البلاد، لأنه حينها ستكون هذه الحكومة صاحبة مشروعية حقيقية، ولن يحق لأحد الاعتراض عليها”.

وأعلنت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد)، الأربعاء، انطلاق الحوار المباشر بين الأطراف السودانية خلال أيام، لإيجاد حل للأزمة السياسية، وذلك بعدما أطلقت في 12 أيار/ مايو الماضي حوارا وطنيا لمعالجة الأزمة.

وثمّن الجمل قرار رفع حالة الطوارئ الذي حظي بترحيب محلي وإقليمي ودولي، قائلا: “هذا القرار يُعدّ إيجابيا وجيدا، ونحن نرحب به، رغم أنه جاء متأخرا، ولكن على أرض الواقع لا نرى فرقا بين وجود حالة الطوارئ أو رفعها؛ فالتظاهرات لا تزال مستمرة والحياة اليومية كما هي”.

وفي 29 أيار/ مايو الماضي، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، مرسوما برفع حالة الطوارئ لتهيئة المناخ لحوار وطني من أجل إنهاء الأزمة السياسية الراهنة.

يشار إلى أن “الجبهة الوطنية للتغير” (22 حزبا) تكونت في العام 2018، للاستعداد لخوض انتخابات 2020، وبهدف أن تصبح جبهة لإنقاذ السودان، قبل التطورات الأخيرة والاحتجاجات التي أطاحت بالنظام الحاكم في السودان، ويعدها البعض جزءا من النظام السابق، وفق قولهم.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:

كيف استقبلتم قرار رفع حالة الطوارئ؟

قرار رفع حالة الطوارئ من الناحية السياسية يُعدّ قرارا إيجابيا وجيدا، ونحن نثمنه ونرحب به، رغم أنه جاء متأخرا، ولكن على أرض الواقع لا نرى فرقا بين وجود حالة الطوارئ أو رفعها؛ فالتظاهرات لا تزال مستمرة والحياة اليومية كما هي.

ما الأسباب التي أدت لتلك الخطوة برأيكم؟

الحكومة في تقديري وجدت أن الطريقة التي تعمل بها حاليا لن تجدي نفعا في إخراج البلاد من النفق التي هي فيه الآن، ولذلك فهي ربما تسعى للبحث عن طريقة أخرى لمحاولة احتواء أو إنهاء الأزمة العصيبة التي تمر بها البلاد، وبالتالي فإنه يمكننا القول إن هذه الخطوة هي محاوله للخروج من المأزق الذي أدخلت الحكومة نفسها فيه.

إلى أي مدى ستساهم هذه الخطوة في تهيئة المناخ للحوار؟

لا أعتقد أنها ستساهم في تهيئة المناخ، لأن الواقع أصبح مُعقدا جدا؛ فهناك شباب ثائر هدفه واضح، وهناك أحزاب سياسية وحركات ضعيفة ومتشاكسة فيما بينها.

ما موقفكم من الحوار المباشر بين الأطراف السودانية الذي سينطلق خلال أيام لمحاولة إيجاد حل للأزمة السياسية؟

موقفنا في “الجبهة الوطنية للتغيير” كان، وما زال، مع منطق الحوار، وجمع كل الفرقاء في لقاء جامع وشامل للوصول لصيغة تقود البلاد إلى استقرار وانتخابات حره ونزيهة تأتي بمَن تأتي.

ولقد نقلنا وجهة نظرنا هذه لمختلف القوى السياسية، وحتى للحكومة الحالية، لكنهم لم يكترثوا لها. وهذا ما يعيب القائمين على الأمر في السودان سواء من حكام أو قيادات سياسية وحزبية، والذين هم يتخذون القرار المناسب في الوقت غير المناسب وبطريقة غير مناسبة.

وبالتالي فما فرص نجاح هذا الحوار؟

لا أريد أن أكون متشائما، ويجب علينا كسياسيين أن نؤيد وندعم منطق الحوار، وأن نواصل تلك المسيرة لنهايتها، لكنني لا أرى أن هذا الحوار المرتقب سينهي الأزمة القائمة أو حتى سيمكنه إحداث أي تحول ملموس في المشهد السوداني، رغم أننا نتمنى نجاحه.

هل تم توجيه دعوة لكم من أجل المشاركة في الحوار؟

للأسف لم تصلنا أي دعوة حتى الآن، وهذا هو دأب الحكومة دائما في التعامل مع فئة بعينها وترك الفئة الأخرى، ولذلك كان الفشل حليفها في كل مرة.

لذا، فإنه يجب العمل على إقامة انتخابات حرة ونزيهة في أقرب وقت، وبإشراف جهات مختصة محلية وعالمية، كي تأتي الانتخابات بحكومة يكون هدفها الأول هو إصلاح العملية السياسية والاقتصادية في السودان، لأنه حينها ستكون هذه الحكومة صاحبة مشروعية حقيقية، ولن يحق لأحد الاعتراض عليها.

هل تعتقد أن الشارع سيهدأ بعد انطلاق الحوار؟

لا أظن ذلك؛ فالشباب الثائر لديهم مطلب واحد، وهو ابتعاد الحكومة الحالية عن السلطة. لذلك؛ فالحل الأنجع والأمثل هو قيام انتخابات حقيقية تأتي بمَن تأتي به، وحينها لن يكون أمام الجميع، بما فيهم الشباب، إلا الاستجابة لها.

كمال عمر، الأمين السياسي لـ”حزب المؤتمر الشعبي” بالسودان قال لـ”عربي21″، إنهم لن يسمحوا بأن يكون هناك اصطفاف أيديولوجي مرة أخرى، مشدّدا على رفضه تأسيس “التيار الإسلامي العريض” الذي وصفه بأنه تيار “المؤتمر الوطني البائد” (الحزب الحاكم سابقا).. ما تعقيبكم؟

على الأخ كمال عمر أن يهتم أولا بأمر حزبه من الانقسام والتشظي؛ فالساحة السياسية لا تحتمل تشظيا آخر، وبخصوص عدم سماحهم بوجود اصطفاف أيديولوجي فإن رفض ذلك أو أيّده فهو أمر قد حدث بالفعل.

بينما السؤال الأهم من كل ذلك: ما الذي سيقدمه “التيار الإسلامي العريض” للساحة السياسية؟ إن كانت نفس النمطية والعقلية القديمة فلا أتوقع له النجاح، بل سيكون مثله مثل باقي التيارات الأخرى الموجودة في الساحة الآن.

هل هناك تصور أو رؤية توصلتم إليها بخصوص التعاطي مع الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة؟

الانتخابات إن حدثت في القريب العاجل ستكون فرصة لخلق تحالفات تتوج في نهاية الأمر إلى أحزاب قليلة، وهذا ما يجب أن يحدث؛ فلا يُعقل أن تكون هناك دولة بها مائة حزب وحركة، وهذا يدل على حالة الميوعة السياسية التي تعيشها البلاد، والتي هي سبب أساسي في الأزمة. لذلك فيجب علينا إعادة النظر في قوانين مجلس شؤون الأحزاب السياسية، وهذا الأمر لا بد أن يكون من أولويات الحكومة الجديدة المنتخبة.

هل من المحتمل أن يلجأ التيار الإسلامي للتصعيد أو العنف حال تعرض للإقصاء والتنكيل كما يقول البعض؟

الإسلاميون قوة لا يُستهان بها داخل البلاد، وهم أكبر قوة مُنظمة وفاعلة في المشهد، رغم كل ما يمرون به؛ فقد أمضوا في الحكم ثلاثين عاما، ولديهم العديد من الكوادر المؤهلة والمدربة في مختلف المجالات، وأعلم أن الحكمة والمنطق لديهم ستحول دون أن يلجأوا إلى أي تصعيد أو عنف، إلا أن هذا لا يعني أن يستمر التيار اليساري أو النظام الحاكم الآن في اختبار صبرهم؛ فالبلاد ليست في حاجة لأي صراعات جديدة، ولذلك فإننا قلنا من قبل إن حل مشاكل البلاد يجب أن يكون عبر الحوار والتوافق لا الاختلاف والتصعيد.

هل انتهت برأيكم صلاحية الوثيقة الدستورية؟

الوثيقة الدستورية هي عطاء مَن لا يملك لمَن لا يستحق، وما بني على باطل فهو باطل، والآن نرى ذلك جيدا.

لذا، فيجب على كل المهتمين بأمر الوطن على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والفكرية والأيديولوجية أن يتناسوا مرارات الماضي، وأن يجلسوا لوضع وثيقة جامعة هدفها الأساسي كيف يُحكم السودان وليس مَن يحكم السودان.

ما مدى جدية العسكر في تسليم السلطة للمدنيين؟

العسكر يبحثون عن ضمانات حقيقية لهم، ويسعون للحصول على وعود من التيارات اليسارية، والطريقة الوحيدة لتوفير هذه الضمانات هي إقامة حوار جامع يتم الحديث فيه عن كل النقاط المهمة، بما فيها هذه النقطة المتعلقة بالخروج الآمن للعسكر، وكي نخرج جميعا بوثيقة مُلزمة لكل الأطراف السودانية المختلفة.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى