السودان: محامو الطوارئ يرسمون صورة قاتمة لانتهاكات الحقوق القانونية للمعتقلين
استخدام حال الطوارئ المفروضة منذ الانقلاب العسكري، غير دستوري ويقوم بتقييد الحريات الأساسية التي يجب أن تحفظ في كل الأوضاع، وفقا للدساتير والقوانين المحلية والاتفاقيات والأعراف الدولية.
الخرطوم ـ «القدس العربي»: ندد محامو الطوارئ، وهم الناشطون في تقديم العون القانوني، للأشخاص الذين يتم توقيفهم تعسفيًا، باعتقال الأجهزة الأمنية، لطلاب المدارس أثناء امتحانات شهادة مرحلة الأساس، وبتدهور الأوضاع الصحية للمعتقلين، في سجون السلطات السودانية، خاصة في مدينة بورتسودان شرقي البلاد.
وقالت عضوة محامو الطوارئ، نون كشكوش، لـ«القدس العربي» إن عدد المعتقلين في سجون السلطات السودانية تجاوز الـ100 بينهم 34 في سجن مدينة النيل الأبيض و24 في سجن مدينة بورتسودان وكذلك في سجون مدينة الخرطوم، وأن هناك 9 في سجن دبك والبقية في سجن سوبا بالخرطوم.
وأشارت إلى أن بعض المعتقلين يتم ترحيلهم للولايات من سجن سوبا من دون تقديم أي معلومات أو بيانات حولهم، الأمر الذي يجعل من الصعب رصد عدد المعتقلين بشكل دقيق.
وبينت أن معظم الموقوفين في السجون الذين جرى اعتقالهم بدون أي بلاغات، محتجزين احتجازا غير مشروع.
وأوضحت أن استخدام حال الطوارئ المفروضة منذ الانقلاب العسكري والذي تتم بموجبه كل الانتهاكات، غير دستوري ويقوم بتقييد الحريات الأساسية التي يجب أن تحفظ في كل الأوضاع، وفقا للدساتير والقوانين المحلية والاتفاقيات والأعراف الدولية.
وحذرت من أن الوضع الصحي لبعض المعتقلين دقيق للغاية، مشيرة إلى إصابة عدد من المعتقلين بالتيفوئيد وارتفاع الكيرياتين ومشكلات التهاب الكلى وعدد من الأمراض المعدية، وأن بعض المعتقلين في سجن بورتسودان أصيبوا بمرض الحمى المالطية، في ظل إهمال السلطات تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى المعتقلين.
ولفتت إلى تردي البيئة في السجون السودانية، في وقت يعاني المحتجزون من ندرة وتدني صلاحية الغذاء والماء للاستخدام البشري، الأمر الذي قد تكون له المزيد من الآثار على أوضاعهم الصحية.
وشرع محامو الطوارئ في حملة لمطالبة الأجهزة العدلية بالقيام بمهامها، وقاموا بتسليم مذكرات لرئيس القضاء والنائب العام ووالي الخرطوم كذلك لمطالبته بعدم تحمل مسؤولية قرارات التحفظ.
وفي هذا السياق، نددت عضوة محامو الطوارئ رحاب المبارك في حديثها لـ«القدس العربي» بما وصفته بـ «الأوامر التعسفية التي يصدرها والي ولاية الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، باعتقال المواطنين واحتجازهم تعسفيا، وتجديد الاحتجاز مرة أخرى».
وشددت على ضرورة إنهاء حالة الطوارئ التي تستخدمها السلطات للتغول على الحقوق الأساسية، مشيرة إلى أن عمليات الاعتقال لا تتم عبر النيابة والشرطة ولكن يتم اختطاف الأشخاص من الشوارع والمنازل وإخفائهم قسريا أحيانا في أماكن غير معلومة، حيث يتم في كل مرة تجديد احتجازهم، بدون أي مسوغ قانوني.
ولفتت إلى عودة المعتقلات السرية التي تعرف بـ«بيوت الأشباح» والتي كانت تستخدمها الأجهزة الأمنية في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، لإخفاء معارضيها قسريا، مشيرة إلى أن عددا من المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم، أكدوا احتجازهم في بيوت مجهولة لأيام قبل نقلهم إلى السجون.
وبينت رصد مجموعة محامو الطوارئ لـ 22 مفقودا، مصيرهم غير معروف حتى الآن، مرجحة احتجازهم في معتقلات غير معلومة، في وقت أعادت السلطات لجهاز الأمن كل صلاحياته، التي سبق وألغتها الحكومة الانتقالية.
وطالبت رحاب رئيس القضاء بالاضطلاع بمهامه والقيام بتفعيل منشور مراقبة الحراسات وتعيين قضاة على مدار الأسبوع للإشراف على الحراسات ورصد المحتجزين، والقيام كذلك بزيارة السجون والوقوف على أوضاع المعتقلين.
واتهمت السلطات العسكرية بالتغول على مهام رئيس القضاء والنيابة العامة، مشيرة إلى أنها أصبحت «الآمر والناهي الوحيد والقاضي والجلاد».
وفيما يخص موقف الأجهزة العدلية من تمدد السلطات في مهامهم، قالت رحاب أن كل ما يحدث من انتهاكات واعتقالات يتم على مرأى ومسمع رئيس القضاء والنائب العام، اللذان لم يحركا أي ساكن على الرغم من النداءات المتكررة والوقفات الاحتجاجية والمذكرات التي ظل يسلمها المحامون والناشطون الحقوقيون وأسر الضحايا لهم.
وشددت على ضرورة قيام رئيس القضاء بمهامه وزيارة السجون والوقوف على أوضاع المعتقلين وأعدادهم بشكل دقيق وأسباب نقلهم إلى سجون خارج مناطقهم وفي ولايات أخرى.
ونددت بعدم سماح السلطات للمحامين وأسر المعتقلين بزيارتهم، أو إخطارهم عند نقلهم من مقر احتجاز إلى آخر أو لسجون في ولايات أخرى.
والخميس الماضي، اعتقلت الأجهزة الأمنية، 40 متظاهرا، بينهم طلاب في الصف الثامن الإبتدائي، في فترة امتحانات الشهادة السودانية، وذلك أثناء عودتهم من فصول تقوية.
وقال محامو الطوارئ في بيان، الجمعة، إن قوات الأمن اعتقلت عددا من الطلاب صغار السن من الجالسين لأداء امتحان شهادة مرحلة الأساس، مساء الخميس، وأن الوكيل الأعلى للنيابة ورئيس نيابة الخرطوم وجهوا ضابط قسم الخرطوم شمال بعدم الإفراج عنهم إلا بقرار منهم بصفتهم أعضاء اللجنة الأمنية بالرغم من قرار وكيل النيابة المناوب بالإفراج عنهم.
ولاحقا، تم الافراج عنهم بعد قضاء ليلتين في الحراسة.
وكذلك، ندد تجمع لجان مقاومة أحياء الحاج يوسف مركزية الوحدة، باعتقال قوات الأمن لإثنين من الباعة المتجولين لجهة بيعهم المياه والعصير للمحتجين.
وقال في بيان، الجمعة، أن السلطات احتجزتهم في قسم الخرطوم الشمالي استعدادا لنقلهم لسجن سوبا.
والأربعاء الماضي نفذ محامو الطوارئ وناشطون حقوقيون وقفة احتجاجية أمام رئاسة القضاء بالخرطوم نددوا خلالها بتغول اللجنة الأمنية على سلطات المؤسسات العدلية، وقدموا مذكرة لرئيس القضاء، طالبوه عبرها بإصدار المنشورات اللازمة واتخاذ التدابير القضائية بما يقع تحت مسؤوليته، لجهة تحديد المسؤوليات والواجبات سدا لأي ذريعة يمكن أن تعرض المحتجزين لضياع حقوقهم أو اهمالهم جراء الحبس غير المبرر، وذلك وفق قانون الإجراءات الجنائية للعام 1991.
وأشارت المذكرة، إلى أن ذات القانون رغم تصريحه لوكلاء النيابة بتفتيش الحراسات، إلا أن واجب الرقابة القضائية يقتضي اضطلاع القضاة بذات الواجب متى ما تجاوزت مدة بقاء المحتجز بالحراسة 3 أيام ووردت شكوى من ذويه أو محاميه بعدم مثوله أمام قاض طبيعي أو رفض إطلاق سراحه على الرغم من صدور قرار من القاضي بذلك.
وطالبت بضمانات، تشمل تحديد قاض مختص للنظر في تجديد حبس المتهمين بواسطة القاضي المشرف على محكمة الجنايات وليس وكيل النيابة، ومثول المحتجز بشكل شخصي أمام القاضي والتأكد من هويته وعمره وحقه في المساعدة القانونية.
وأكدت على أنه لا يجوز لقاضي الجنايات أن يأمر بتجديد حبس لأقصى مدة مقررة إلا بعد بيان الأسباب التي تبرر فترة الحبس، مشددة على ضرورة قيام قاضي الجنايات المختص بتفتيش الحراسات بشكل دوري للتأكد من سلامة الإجراءات وتدوين ملاحظاته بدفتر القبض.
وخلال إحاطة قدمها أمام مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، طالب رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، فولكر بيرتس السلطات بإطلاق سراح جميع المعتقلين من ناشطين سياسيين ولجان مقاومة. وأكد على أن الوقت قد حان لإنهاء جميع أعمال العنف، داعيا السلطات لإطلاق سراح المحتجزين وايقاف الاعتقالات التعسفية ورفع حالة الطوارئ بدون قيود.
من جهته، اعتبر المجلس المركزي للحرية والتغيير استمرار القمع والاعتقالات دليلا على أن قادة الانقلاب فاقدين للإرادة السياسية ولا يرغبون في مناخ ديمقراطي أو حل سياسي.