أخبار

السودان: مجلس قبلي يرفض اتفاقا مع شركات إماراتية لإنشاء ميناء

لندن ـ «القدس العربي»:

توعّد جناح (أوبشار)، في المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، في السودان، بـ«مقاومة» اتفاق وقعته السلطة الحالية مع تحالف تقوده مجموعة موانئ أبو ظبي وشركة إنفيكتوس للاستثمار، لإنشاء ميناء أبو عمامة الجديد، الذي يضمّ منطقة اقتصادية على البحر الأحمر.
وحسب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني جبريل إبراهيم، فإن «تكلفة المشروع تبلغ ستّة مليارات دولار. وسيعطي دفعة قوية للاقتصاد السوداني ويعود بفوائد لا حصر ولا عد لها على البلاد»، وفق ما جاء في وكالة السودان للأنباء.
واتسعت أخيرا الخلافات بين مكونات مجلس البجا، الذي تأسس في عام 2019 عقب مؤتمر سنكات، الذي جمع مكونات قبيلة البجا، وقبائل أخرى من شرق السودان.
وفي 23 يونيو/ حزيران الماضي، وبعد اجتماع في مدينة أركويت، التي تبعد نحو 205 كيلومترات غربي بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر، أعلن رئيس المجلس، محمد الأمين ترك، تجميد عمل المجلس، وتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر العام. وأصدر قرارا بتسليم كل متعلقات المجلس من أختام وأوراق رسمية لأمانة حكومة ولايتي كسلا والبحر الأحمر، شرق السودان.
وبعد ساعات قليلة من اجتماع أركويت، أعلنت مجموعة من مكونات المجلس في مدينة بورتسودان، بقيادة مقرر المجلس، عبد الله أوبشار، عدم الاعتراف بقرارات ترك، مشددة على أن الاجتماع الذي تم في أركويت مجرد «اجتماع أهلي لا علاقة له بالمجلس».
وقال سيد علي أبو آمنة، الأمين السياسي للمجلس (جناح أوبشار)، في بيان، أمس، إن «قرارات مؤتمر سنكات المصيري للبجا تمنع أي جهة من التصرف في أراضي وموارد الإقليم خاصة تصديقات الأراضي وساحل البحر الأحمر والموانئ، وتطالب بإقليم واحد وسلطة سيادية إقليمية بحكومتها التنفيذية وبرلمانها الذي يشرع وتعرض عليه القضايا المهمة، وهذه القرارات المصيرية نستند عليها في سلطتنا المفوضة من شعبنا، ونعتمدها أساساً للمطالبة بحقوق شعبنا».

مرحلة خاصة

وبيّن أن «السودان يمر الآن بمرحلة خاصة انتقالية معقدة، حيث لا توجد حكومة منتخبة، ولا غير منتخبة حتى الآن، بعد قرار حل الحكومة في 25 إكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي».
من هنا اعتبر المجلس «الجهة التي وقعت ممثلة للسودان، لا شرعية تسندها ولا حق لها في عقد أي اتفاقيات مع دول خارجية ولا مع شركات محلية، وكذلك المكون العسكري موجود كسلطة مؤقتة بموجب الأمر الواقع، ولا يملك حق عقد مثل هذا الاتفاق أو إجازته كسلطة تشريعية مخولة».
وزاد «اتفاق كهذا توجد فيه أطراف أجنبية ومصالح أجنبية، لا يجب أن يتم إلا في وجود حكومة منتخبة وبرلمان قومي منتخب ووزارات متخصصة في حكومة مجازة، وفي ظل حكومة إقليمية وبرلمان إقليمي، وفي ظل مؤسسات وطنية مستقرة».

اعتبره «جريمة خطيرة ضد الوطن» وتوعّد بمقاومته

وأضاف أن «أي اتفاقيات تتعلق بالموانئ يجب أن تتم أيضا عبر وزارة النقل في ظل الحكومة المنتخبة، وأن إنشاء أي ميناء جديد يجب أن يكون حسب الحاجة الوطنية والمصلحة المحلية لا حسب أغراض الدول الأخرى، وأن أي ميناء ينشأ على البحر الأحمر السوداني يجب أن يكون ميناء فرعيا أو متخصصا تابعا لهيئة الموانئ البحرية السودانية وتحت إدارتها بالكامل تحقيقا للسيادة الوطنية».
ووفق البيان «أي اتفاقيات مع دول ومؤسسات أجنبية يجب أن تتم بحضور وزارة الخارجية، ويعمل فيها حساب للاتفاقيات السابقة التي وقعها السودان مع دول أخرى وشركات اخرى مثل ميناء هايدوب».
كما «يجب أن يكون ذلك في ظل سياسات خارجية تنظمها علاقاتنا مع الدول وروابطنا الاقتصادية ومصالحنا العليا وتوجهاتنا الاستراتيجية، وكل هذا غير موجود الآن لا وزارة خارجية ولا سياسيات خارجية ولا خريطة للمصالح الاستراتيجية الوطنية، ولا أي علاقات تخدم بلادنا».
واعتبر المجلس الاتفاق «جريمة خطيرة ضد الوطن عامة وضد شعبنا خاصة، وهو عمالة واضحة تستوجب المحاكمة الفورية لموقعيه وللعاملين لأجله، وهو استكمال بالأصل لمخطط استعمار الإقليم عبر المسار الأجنبي الفاشل وعبر جبهة حركات دارفور المسماة بالثورية التي خلقت اتفاقية المسار لأجل ذات الغاية (سرقة موقع وموارد إقليم البجا)».

«محاسبة العملاء»

وواصل: «سنقاوم هذا الاتفاق بدمائنا وبأرواحنا وبكل ما نملك، وسوف نمنع تنفيذه بذات الوسائل التي قاومنا ومنعنا بها مسار الشرق أن ينفذ على أرضنا، وسوف يكون مصير هذا الاتفاق هو نفس مصير المسار».
ودعا «المؤسسات السودانية الوطنية والسيادية لأن تقوم بدورها في منع هذا الاتفاق ومحاسبة العملاء الذي وقعوه ويسعون إلى تنفيذه بالقانون ومحاكمتهم الفورية».
كما وجه «قانوني الإقليم برفع دعوى قضائية ضد الاتفاق في حال عجز مؤسساتنا عن القيام بدورها السيادي الوطني». وحمل المسؤولية كاملة لقيادة المجلس الأعلى للبجا السابقة ممثلة في الناظر ترك «بسعيها لتغيير القرار رقم تسعة من قرارات مؤتمر سنكات والعمل على إضعاف مجلس البجا بالحل والتشتيت والتجميد وغير ذلك تمكينا لبقية العملاء من توقيع هذا الاتفاق الاستعماري».
وميناء أبو عمامة الذي سيُشيَّد شمال ميناء بورتسودان الذي تمرّ عبره الغالبية العظمى من واردات البلاد وصادرات النفط من جنوب السودان، سيضمّ «منطقة صناعية وأخرى سياحية ومطارا دولياً ومحطة كهرباء بجانب زراعة 400 ألف فدان» (نحو 162 ألف هكتار)، وفق إبراهيم. ومجموعة موانئ أبو ظبي مملوكة بمعظمها لشركة «القابضة»، وهي صندوق سيادي في أبو ظبي، بينما شركة إنفيكتوس للاستثمار فيديرها أسامة داوود عبد اللطيف، وهو رئيس مجلس إدارة شركة دال، أكبر مجموعة خاصة في السودان.
وسبق أن أفادت وكالة أنباء الإمارات (وام) بأن الاتفاقية «تمنح التحالف حقوق تطوير وإدارة وتشغيل ميناء وأصول منطقة اقتصادية في السودان». وجاءت الاتفاقية بعد أسبوع من توقيع العسكريين الحاكمين في السودان في الخامس من كانون الأول/ديسمبر، اتفاقاً إطارياً مع القادة المدنيين، من شأنه أن يُخرج البلاد من الأزمة التي غرقت فيها منذ انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في تشرين الأول/أكتوبر 2021 على السلطات الانتقالية التي شكلت عقب إطاحة عمر البشير عام 2019.
ووصفت وكالة أنباء الإمارات السودان بأنه «شريك تجاري رئيسي» لدولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرةً إلى أن الصادرات الإماراتية إلى السودان بلغت 1.14 مليار دولار عام 2020، فيما وصلت صادرات السودان إلى الإمارات إلى 1.86 مليار دولار عام 2020.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى