ملفات وتقارير

السيول تجلب مخلفات تعدين الذهب للمناطق السكنية شمالي السودان

جلبت السيول التي اندفعت نحو قرى محلية بربر بولاية نهر النيل شمالي السودان مخلفات تعدين الذهب من منطقة شمال عطبرة وحتى العبيدية واضعةً المنطقة تحت كارثة بيئية.

واجتاحت السيول محلية بربر مساء الاثنين الماضي وخلفت دمارا هائلا وامتدت إلى خمسة ستة قرية شملت  قرى “كدباس” و”المسيد” و”الغبش” و”الخور” و”الفحلاب” و”السويكتاب”.

وحذر تجمع الأجسام المطلبية في بيان اليوم الأربعاء، أن التلال والأحواض الخاصة بتعدين الذهب والتي غزت المناطق السكنية والمساحات الزراعية والتي تحوي مواد سامة أصبحت قريبة من مصادر المياه ومجرى النيل.

وباتت القرى الواقعة على مرمى حجر من نهر النيل ومن أحواض عملاقة للتنقيب عن الذهب مهددة بأخطر كارثة بيئية جراء المياه التي حملت معها كل شئ واندفعت إلى مناطق مأهولة بالسكان والزراعة ومصادر المياه.

المحظور

وقال بيان تجمع الأجسام المطلبية الذي اطلعت عليه (عاين)، “وقع المحظور.. وتنجرف مخلفات عمليات استخلاص الذهب ومحتويات الأحواض بواسطة مواد كيميائية شديدة الخطورة على الإنسان والبيئة على الرغم من التحذيرات المسبقة”.

واعتبر البيان المنطقة الممتدة من شمال عطبرة حتى شمال العبيدية مهددة الآن بكارثة بيئية كبرى، نتيجة للسيول والامطار التي أخذت في طريقها “تلال الكرتة وغسلت احواض السموم”.

ورأى البيان، أن ما حدث في محلية بربر نتيجة طبيعية ومتوقعة للتراخي وعدم الاكتراث، من كل الجهات المعنية وعلى رأس القائمة “الشركة السودانية للموارد المعدنية” التي تركت تلك المخلفات لبيعها مجددا دون النظر إلى  صحة الإنسان وسلامة البيئة.

واتهم البيان الشركة السودانية للموارد المعدنية بعدم وضع السلامة البيئية أولوية قصوى في مناطق التعدين والتركيز على تحصيل الإيرادات.

عمليات طحن حجارة الذهب

وأشار بيان تجمع الأجسام المطلبية إلى أن الامطار والسيول اجتاحت الاثنين، مناطق “دار مالي” و”النبوية” و”السعدابي” و”المكايلاب” ومناطق أخرى تعد الأكثر تضررا من السيول والأمطار حتى الآن، وكانت من المناطق التي تضم النشاط الأكبر لتخزين مخلفات التعدين، وعمل الخلاطات.

وأكد البيان، أن هذه المناطق “مكتظة بأحواض السوريا” المحتوية على مادة السيانيد، في المنطقة الشرقية في “وادي أبو سلم” الذي يصب في نهر النيل مباشرة جنوب “بربر” وفي شرقي “جبل دعيته” مشددًا على أن “الوضع البيئي خطيرا جدا”.

اختلاط (الكرتة) مع المياه

ودخلت ولاية نهر النيل حيز التعدين الأهلي في السنوات الأخيرة لتعويض فقدان النفط ومع “نهم حكومي” لسد العجز في الموازنة توسعت في هذا القطاع على حساب البيئة كما يقول ناشطون في مجال البيئة.

ويقول الباحث في مجال حماية البيئة من آثار التعدين حسين سر الختم لـ(عاين)، إن “أكوام الكرتة” وهي مخلفات الذهب تحتوي على 13 عنصر كيميائي سام وقد تجرفها السيول إلى المناطق المأهولة بالسكان والزراعة والمياه.

ويرى سر الختم أن مناطق التعدين شمال السودان مهددة بـ”كوارث بيئية” جراء عمليات قطاع التعدين للبحث عن الذهب بواسطة الشركات والقطاع التقليدي دون وضع معايير صارمة.

وأشار سر الختم، إلى أن رغبة الدولة الاستحواذ على كميات من الذهب دون حماية السكان المحليين من مخلفات التعدين مثل الزئبق والسينايد و11 عنصر كيميائي يستخدم للاستخلاص ما يعني أن السودان في طريقه إلى تدمير مناطق بالكامل جراء الكارثة البيئية.

وكان مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول وصف مناطق نهر النيل بـ”سنغافورة السودان” في إشارة إلى الثروات الهائلة من الذهب في المنطقة بينما يقول السكان إن الإنتاج الضخم الذي تستحوذ عليه شركات روسية ومحلية لا توفر التنمية في الولاية.

من جهتها، تقول الباحثة في مجال البيئة تقول نسرين عبد الله لـ(عاين)، إن صور الأقمار الاصطناعية حذرت من الأمطار والسيول هذا العام لتشمل مناطق كانت بعيدة نسبيا من هذا المناخ مثل نهر النيل والشمالية بالتالي فإن نشاط التعدين عن الذهب يجب أن يضع في الاعتبار أن السيول قد تجرف المخلفات إلى مناطق السكان والمياه.

وتقول هذه الباحثة عن وزارة المعادن والمالية تعلمان هذه المخاطر وجرى تحذيرهم بواسطة منظمات حماية البيئة أكثر من مرة لكنهم لا يكترثون ويحاولون جني المزيد من الذهب.

انهيار 850 منزلا

وغمرت المياه منازل السكان في محلية بربر واضطر سكان القرى الواقعة على أطراف نهر النيل بالرحيل إلى مناطق العلوية بينما تقدم فرق إنسانية محلية عمليات الإغاثة بشكل شحيح.

التقديرات الاولية للأضرار التي طالت محلية بربر جراء السيول قدرت عدد المنازل التي تعرضت للانهيار بـ(850) منزلا حتى صباح اليوم الأربعاء في ظل نقص المعينات مثل الخيام والعيادات الصحية.

كما أن آلاف الأطفال باتوا معرضين لخطر الحشرات و الزواحف والعقارب بسبب بقائهم في العراء وفق عامل إغاثة تحدث لـ(عاين) من مدينة بربر قائلا إن “القوافل الإنسانية المتوجهة إلى القرى المنكوبة غير كبيرة لقلة الدعم الحكومي وعدم وصول المنظمات الكبيرة”.

فيما يرى حسن اسماعيل، عامل الاغاثة في جمعية محلية أن : “الأوضاع الإنسانية في القرى المنكوبة حرجة وهناك نقص كبير للأدوية والخيم والمعدات إلى جانب ذلك فإن المنطقة معروفة بانتشار العقارب هذا يشكل خطر على الأطفال”.

وأظهرت صورة منشورة على مواقع التواصل الإجتماعي سكان القرى وهم يجلسون أمام الأثاثات التي غمرتها المياه و يحاولون انتشال أجزاء من مقتنياتهم قبل أن ترتفع السيول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى