آراء

*ما هو الفرق بين التسوية السياسية والتسوية التاريخية؟*

*محمد جلال أحمد هاشم*

دون أي إطالة ندخل في تعريف المفهومين من خلال أمثلة مباشرة: مجموعة ثقافية تعمل بالرعي ولها قطعان ضخمة من الماشية، وتريد أن تسرح بهذه القطعان من الخرطوم إلى ود مدني متتبعين نهر النيل الأزرق، ما يعني الرعي فوق زراعات وبلدات جمييييع الذين يعيشون في مسارها. هذه المجموعة لها مزاعم تاريخية معترف بها بأن هذه هي مسارات رعيها منذ أن عُرفت هذه المنطقة. وهي في مطالبتها هذه على إستعداد للدخول في حرب مع الدولة. ولهذا دخلت معها الدولة في مفاوضات بغية التوصل إلى تسوية.
فأيّ التسويتين سوف تنتهي إليها المفاوضات؟ تسوية سياسية أم تسوية تاريخية؟

التسوية السياسية
هي أن يتم التوصل إلى إتفاق مع هذه المجموعة مفاده الإكتفاء بالرعي ما بين الخرطوم والكاملين فحسب، أي أن تقتنع بجدوى التخلّي عن أحلامها باستعادة مسارات رعيها التاريخية، أي الاكتفاء بما مقداره حوالي ربع المسارات، وكفى اللهُ المؤمنين شر القتال.
هذه هي التسوية السياسية!

التسوية التاريخية
هي أن يتم التوصل إلى إتفاق مع هذه المجموعة مفادُه الإكتفاء مرحليّاً لمدة ثلاثة أشهر بالرعي ما بين الخرطوم والكاملين؛ ثم بعد ذلك الإكتفاء مرحليّاً بالرعي ما بين الخرطوم وأبو عشر لمدة ثلاثة أشهر أخرى؛ ثم بعد ذلك الإكتفاء مرحليّاً بالرعي ما بين الخرطوم والحصاحيصا لمدة ثلاثة أشهر؛ ثم أخيرا تحقيق هدفهم الأعلى المتمثل في الرعي ما بين الخرطوم وود مدني بمحازاة النيل الأزرق في الثلاثة أشهر الأخيرة، وبهذا يكون قد تحقق لهذه المجموعة الرعوية ما تطالب به كاملا، غير منقوص، لكن بالتدريج وعبر أربع مراحل، كل مرحلة منها تساوي ثلاثة أشهر.
هذه هي التسوية التاريخية!

والسؤال هو: أيها الذين تتكلمون عن ضرورة التوصل إلى تسوية للأزمة السياسية الراهنة، أي النوعين من التسوية تقصدون، ذلك عندما تتكلمون عن ضرورة التوصل إلى تسوية؟

MJH
الخرطوم – 13 أكتوبر 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى