أخبار

السودان: تصعيد وتظاهرات اليوم في الخرطوم رفضا للاتفاق الإطاري

الخرطوم ـ «القدس العربي»:

 في وقت ينتظر أن يوقع المجلس المركزي للحرية والتغيير، غدا الاثنين، اتفاقا إطاريا مع العسكر لإنهاء الأزمة الراهنة في السودان منذ انقلاب 25 تشرين الأول/اكتوبر 2021 أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة التصعيد ورفض الاتفاق، داعية إلى تظاهرات مليونية، اليوم الأحد، أمام القصر الرئاسي، وسط العاصمة الخرطوم.

وشددت على تمسكها بشعار اللاءات الثلاثة: «لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» لقادة الانقلاب، واصفة الاتفاق بالتسوية المعيبة والمرفوضة من قبل الشعب.
واعتبرت لجان المقاومة موافقة مكونات الحرية والتغيير على توقيع اتفاق مع العسكر، ارتهانا وقبولا لأن يكونوا مجرد موظفين في حكومة قادة الانقلاب، بدلا عن العمل على إسقاطه وإكمال طريق الثورة السودانية والتأسيس لسلطة الشعب.
والخميس الماضي، وبعد سلسلة من الاجتماعات المطولة بين مكونات الحرية والتغيير، وضعت ملاحظاتها على النسخة النهائية للاتفاق الإطاري، قبل أن تسلمها للوساطة الدولية.
والجمعة، انعقد اجتماع آخر ضم ممثلين لقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والمؤتمر الشعبي، مع القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وسط حضور دولي وإقليمي بقيادة الآلية الثلاثية الدولية وسفراء المجموعة الرباعية والترويكا والاتحاد الأوروبي.
وعقب الاجتماع أعلن المجلس المركزي للحرية والتغيير، جاهزية الأطراف السودانية للتوقيع على اتفاق سياسي إطاري (مبدئي) غدا الاثنين.
وحسب بيان للحرية والتغيير، ناقش الاجتماع جاهزية الأطراف السودانية للشروع في توقيع الاتفاق السياسي الإطاري الذي يؤسس لسلطة مدنية انتقالية تتولى أعباء تنفيذ مهام ثورة ديسمبر 2018 واستكمال الطريق نحو بلوغ غاياتها.
وبعد التوقيع على الاتفاق الإطاري المقرر الاثنين ستبدأ مباشرة مرحلة إكمال تفاصيل بعض القضايا بأوسع مشاركة من قوى الثورة وأصحاب المصلحة ليتأسس عليها الدستور الانتقالي، وتنشأ مؤسسات السلطة الانتقالية في فترة لا تتجاوز أسابيع محدودة، وفق البيان.
ودعت الحرية والتغيير كل قوى الثورة لتوحيد وترتيب الصفوف وتكامل جميع أدوات العمل السياسي السلمي بما يقود لتحقيق غايات الثورة السودانية وتأسيس انتقال مدني ديمقراطي مستدام، قالت أنه سينهي عقودا من الاستبداد السياسي الذي مرت به البلاد، ويرفع المعاناة عن الشعب السوداني ويؤسس لمستقبل أفضل تسوده قيم الحرية والسلام والعدالة.
من جانبه، قال المجلس السيادي السوداني، إن إجتماع الجمعة، ناقش تطورات العملية السياسية، وأمن على ما تم التوصل إليه من تفاهمات تم تلخيصها في الاتفاق السياسي الإطاري، مؤكدا أنه يشكل أساساً لحل الأزمة السياسية الراهنة بالبلاد .
وأشار إلى أن الاتفاق سيظل مفتوحاً للنقاش والمشاركة من قبل الأطراف الأخرى المتفق عليها، وذلك من أجل تطويره في المرحلة الثانية، لاتفاق نهائي وترتيبات دستورية انتقالية، في غضون أسابيع محدودة، تمهيداً لتشكيل سلطة مدنية تقود المرحلة الانتقالية وصولاً لانتخابات حرة يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.
وبين أن توقيع الاتفاق الإطاري، المقرر غدا الاثنين سيتم وسط حضور واسع محلي ودولي تمهيداً لمرحلة جديدة تترقبها البلاد، حسب بيان المجلس السيادي.
وفي السياق، أكدت الجبهة الثورية بقيادة الهادي إدريس، والتي تضم بعض الحركات المسلحة والتنظيمات السياسية الموقعة على اتفاق السلام في 2020 أنها ستكون ضمن الموقعين على الاتفاق الإطاري.
وقالت، أن قيادة الجبهة الثورية ممثلة في رئيسها الهادي ادريس وأعضاء المجلس الرئاسي مالك عقار والطاهر حجر وأسامة سعيد، شاركت في الاجتماع الذي أجاز النسخة النهائية للاتفاق الإطاري بعد تضمين ملاحظات جميع الأطراف، مؤكدة أن الأطراف المدنية والعسكرية توافقت بشكل كامل وأعلنت استعدادها للتوقيع على الاتفاق بحضور ممثلين للبعثات الإقليمية والدولية.
وأشارت إلى أنها ستظل عضوا فاعلا في تحالف القوى المتوافقة على مسودة الإعلان الدستورى وستبذل جهدًا كبيرًا من أجل إنجاح العملية السياسية، من أجل تحقيق أهداف الثورة السودانية.
إلا أن مجموعة أخرى من أطراف اتفاق السلام، أبرزها حركة تحرير السودان بقيادة، حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم، أعلنت رفضها التوقيع على الاتفاق.
وقال مناوي، في تغريدة على حسابه في تويتر، أن البلاد تمر بأسوأ حالات سلب الإرادة الوطنية، مؤكدا رفضه لما وصفه بـ «الاتفاق السري» الذي تأسس على «مشروع دستوري سري» مضيفا: إن هذا الاتفاق يتضمن «حصانات جنائية» و«صفقات سرية». وتابع: «إنه من المؤسف أن تنتهك إرادتُنا داخل أراضينا ونحن في القرن الحادي والعشرين» مشيرا إلى تلقيهم تهديدات بالتصفية.
أما جبريل إبراهيم فأشار إلى تقديمهم طلبا للبرهان بوقوف المكون العسكري على مسافة واحدة من كل القِوى السياسية في البلاد، مشددا على ان العسكر لو حادوا عن ذلك لن يحدث الاستقرار المطلوب.
ودعا لتكوين طاولة مُستديرة للنظر في كل الأطروحات والمبادرات من قبل جسم وطني للوصول إلى ورقة واحدة تمثل كل المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد.
وتتمسك حركتا تحرير السودان والعدل والمساواة، بشركائهم في تحالف الكتلة الديمقراطية، والتي تضم ناظر عموم قبائل الهدندوة في شرق السودان، محمد الأمين ترك وفصيل من الحزب الاتحادي الأصل بقيادة جعفر الميرغني، بالإضافة إلى مجموعة من الأحزاب الصغيرة، الموالية للانقلاب العسكري.
في وقت ترفض الحرية والتغيير التعامل مع تلك المكونات، التي تعتبرها غير مؤمنة بالديمقراطية وداعمة للشمولية العسكرية.
واعتذرت الحرية والتغيير عن اجتماع نظمه السفير السعودي في الخرطوم، علي بن حسن جعفر، مساء الجمعة، لتقريب وجهات النظر بينها وبين الكتلة الديمقراطية.
وفي السياق، قال عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير الواثق البرير، في تصريحات صحافية، أن التحالف وافق على مبادرة سعودية طرحت الخميس الماضي، لمقابلة قياديين بحركتين وقعتا على اتفاق السلام ولم توقعا بعد على الإعلان السياسي لإنهاء الانقلاب، هما جبريل ومناوي، لكن الحرية والتغيير تفاجئت بحضور أطراف لا علاقة لها بمسار التحول المدني الديمقراطي ولا صلة لها بالاتفاق، في إشارة إلى بقية مكونات تحالف الكتلة الديمقراطية.
وأضاف: نحن في مرحلة دقيقة من العملية السياسية ولن نهدر وقتنا في مقابلات مع أطراف لا تؤمن بالتحول المدني الديمقراطي وغير معنية بالإعلان السياسي لإنهاء الانقلاب ولا بالترتيبات المتعلقة بالسلام الشامل مع الحركات المسلحة.
وفي وقت ترفض لجان المقاومة العملية السياسية الجارية، وتعتبر الاتفاق الإطاري خيانة للثورة السودانية، تؤكد الحرية والتغيير أنها تضع في الاعتبار التحديات والمزالق التي تحيط بالبلاد، ومؤشرات عودة النظام السابق وتمدد المجموعات المستفيدة من استمرار الانقلاب العسكري.
ورأت إمكانية أن يؤدي الاتفاق إلى إنهاء الإنقلاب مع استمرار المقاومة الشعبية للمزيد من الضغط من أجل الانتقال الديمقراطي في البلاد، بينما قال عضو المجلس السيادي السابق والقيادي في الحرية والتغيير محمد الفكي خلال مخاطبته ندوة في الخرطوم، السبت الماضي، أنهم فشلوا في إبعاد البرهان وحميدتي من المشهد ولكنهم استطاعوا تضمين جميع مطالب الثورة السودانية في الاتفاق المنتظر توقيعه غدا.
وحسب رؤية الحرية والتغيير التي أعلنتها منتصف الشهر الماضي، بعنوان «نحو عملية سياسية ذات مصداقية وشفافية تنهي الانقلاب وآثاره وتكمل مهام الثورة السودانية» قسمت العملية السياسية إلى مرحلتين، تتضمن الأولى توقيع اتفاق الإطاري يستند على التفاهمات التي جرت بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري وأطراف قوى الانتقال الديمقراطي.
وتضمنت التفاهمات، وضع إطار دستوري لإقامة سلطة مدنية ديمقراطية انتقالية تستكمل مهام الثورة السودانية، في المرحلة الأولى للاتفاق.
ونصت على أن يتم تطوير الاتفاق الإطاري بمشاركة جماهيرية واسعة من أصحاب المصلحة وقوى الثورة وصولا للاتفاق النهائي.
ويناقش الاتفاق النهائي حسب الرؤية المعلنة، قضايا العدالة الانتقالية والإصلاح الأمني وتفكيك النظام السابق وإصلاح اتفاق السلام الموقع بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية في تشرين الأول/اكتوبر 2020.
وفي تموز/يوليو الماضي أعلن البرهان خروج العسكر من العمل السياسي، مطالبا المدنيين بالتوافق على حكومة انتقالية، بينما دعت الآلية الثلاثية وقتها الحرية والتغيير والتنظيمات السياسية الداعمة للانقلاب إلى مفاوضات مباشرة رفضتها الحرية والتغيير مؤكدة أن تلك المفاوضات محاولة لإغراق العملية السياسية بمجموعات هي بالأساس تابعة للانقلاب وليست طرفا أساسيا.
ولاحقا شهدت البلاد تحركات واسعة للوساطة الرباعية التي تقودها واشنطن والرياض لدفع الأطراف السودانية للتوافق، بعد فشل المفاوضات التي يسرتها الآلية الثلاثية.
وقبل نحو شهرين، قالت الحرية والتغيير أنها تلقت عبر اتصالات غير رسمية، ملاحظات من العسكر حول مشروع للدستور الانتقالي طرحته اللجنة التسيرية لنقابة المحامين، وأنها اعتبرته قاعدة جيدة للعملية السياسية في البلاد.
وكانت اللجنة التسيرية للمحامين السودانيين قد أعلنت في ايلول/سبتمبر الماضي عن مشروع إعلان دستوري جديد، يلغي الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019م، تعديل 2020م، وكل القرارات التي صدرت بعد انقلاب 25 تشرين الأول/اكتوبر 2021م، بما في ذلك كل الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي أبرمت في ذلك الوقت.
ويأتي الاتفاق المنتظر توقيعه غدا الاثنين، بعد مرور 13 شهرا على تنفيذ القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان انقلابا عسكريا على الحكومة الانتقالية التي تشاركها العسكر والمدنيون وفق اتفاق الوثيقة الدستورية.
وبينما تتصاعد المقاومة الشعبية، الرافضة للحكم العسكري، ظلت القوات النظامية تقمع المعارضين، حيث قتل خلال التظاهرات الرافضة للانقلاب 121 سودانيا بينما تجاوز عدد المصابين 6000.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى