ملفات وتقارير

كاتبة بريطانية: “الدعم السريع” عادت لاستكمال الإبادة الجماعية في دارفور

نشرت صحيفة “الغارديان” مقالا للمديرة التنفيذية المشاركة لمؤسسة منهج الحماية ” Protection Approaches” كيت فيرغسون، قالت فيه إنه مع تصاعد الصراع في السودان، أصبح من الواضح أن قوات الدعم السريع قد عادت إلى دارفور لاستكمال الإبادة الجماعية التي بدأتها قبل 20 عاما.

 وقالت فيرغسون، إن الأسابيع الأخيرة شهدت تأكيدا لتوقعاتنا، حيث وجد مرصد الصراع بجامعة ييل، الذي يستخدم مزيجا من صور الأقمار الصناعية وبيانات الكشف الحراري لوكالة ناسا والتحليل مفتوح المصدر، دليلا على “التدمير المستهدف لما لا يقل عن 26 تجمعا للسكان” من قبل قوات الدعم السريع بين 15 نيسان/ أبريل و 10 تموز/ يوليو، حيث اكتشفت مقابر جماعية، وأظهرت الأقمار أحياء وقرى حضرية بأكملها قد أحرقت.

وبحسب الكاتبة، فقد أصبح العنف الجنسي عنصرا في استراتيجية قوات الدعم السريع، كما يتم تدمير المرافق اللازمة للبقاء عمدا، من المنازل والمدارس والمستشفيات إلى محطات المياه والكهرباء والبنية التحتية للاتصالات.

 وتابعت بأن “هذا المسار الجهنمي سيكتسب زخما، مع وجود خطر حقيقي من أن تستهدف قوات الدعم السريع أهدافا أكبر، مثل مدينة الفاشر، التي تضم 600 ألف نازح يقيمون في ثلاثة مخيمات”.

وبينت فيرغسون، أن قوات الدعم السريع تستغل الأولوية الدولية بحل الخلاف بين الجنرالات المتحاربين، وبذات الوقت يثبت الحراك الدولي أنه غير قادر أو غير راغب في الرد على العنف الجماعي الذي اندلع في جميع أنحاء دارفور.

وأضافت كاتبة المقال: “من الحرب العالمية الثانية والمحرقة إلى الحروب التي أعقبت انهيار يوغوسلافيا، والإبادة الجماعية ضد مسلمي البوسنة، فإن هذا الافتراض الخاطئ بشدة بأن إنهاء الصراع المسلح سينهي أيضا حملات العنف الجماعي المستند إلى الهوية ينتج إخفاقات كارثية في حماية الأشخاص المستضعفين، ومنع الخسائر الفادحة في الأرواح. وبالمثل، فإن عدم الاعتراف بهذه الفروق في السودان سيكون مدمرا لدارفور”.

وطالبت بالنظر إلى ما نقلته التقارير في دارفور على أنه الموجة الأولى من استراتيجية ستصبح أكثر تطرفا إذا تركت دون رادع، بالإضافة إلى ضرورة إدانة طبيعة الفظائع ومرتكبيها. 

وذكرت أن وزير التنمية البريطاني، أندرو ميتشل، قال الأسبوع الماضي، إن إطلاق وصف الجرائم ضد الإنسانية كان “صحيحا تماما” لوصف ما يحدث.

ووفق المقال، فإنه من المدهش أن الدول الأخرى، لا سيما الولايات المتحدة، التي لديها آلية راسخة للقيام بذلك، لم تحذ حذو بريطانيا، خاصة أن الإدانة العالمية يمكن أن تجعل الجناة يترددون، وهذا يمنح الوقت لإنقاذ المزيد من الأرواح”.

وبينت فيرغسون أن الاهتمام الدولية يمنح الجناة حيزا أقل لإخفاء جرائمهم، مطالبا المملكة المتحدة بصفتها الرئيس الحالي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، باستخدام كل منتدى وآلية للفت الانتباه والتحقيق والتوثيق والتغطية الإعلامية، حيث يتنامى الإفلات من العقاب في ظل تكتيم إعلامي.

 وشددت على أن المملكة المتحدة مطالبة بالاستماع أكثر إلى الأشخاص الذين يعرفون ويفهمون هذا العنف بشكل أفضل. 

وكشفت أن اللجنة المختارة للشؤون الخارجية في مجلس العموم أخبرت، الشهر الماضي، أن لندن ارتكبت خطأ كارثيا عندما وثقت بالرجال اللذين يحملون البنادق بدلا من الاستماع إلى الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان على نحو متزايد.

ولفتت إلى أن الافتراض الآن أن تصميم استراتيجيات الحماية هو اختصاص فريد للخبراء العسكريين في العواصم الغربية، سيكون خطأ جسيما.

وأكدت كاتبة المقال أن لندن تحتاج إلى إنشاء قناة اتصالات طارئة بشكل عاجل مع خبراء في السودان ودارفور وتشاد ومجتمع دارفور في المملكة المتحدة، خصوصا أنهم سيكونون أول من يعلم متى تتقدم قوات الدعم السريع أو تغير مسارها.

وطالبت بوضع حاجز وقائي بين الأشخاص المعرضين للخطر وقوات الدعم السريع، كما يجب النظر بشكل كامل في خيارات الحماية، بما في ذلك على سبيل المثال نشر مراقبين دوليين رفيعي المستوى، ووجود خبراء سياسيين وخبراء في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة كـ”عيون وآذان” على الأرض، بالإضافة إلى قوات حفظ السلام التي يمكنها حماية المدنيين.

وحول هذه المقترحات، أكدت فيرغسون أن تطبيقها ليس سهلا، مع النظر إلى تعطيل دور مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعطل، كما أن الحصول على إذن بالوصول سيكون إنجازا دبلوماسيا بحد ذاته.

وأكدت أن عودة شبح العنف الجماعي القائم على الهوية في السودان، كانت متوقعة، لاسيما بعد تحريض حميدتي على مذبحة في الخرطوم بعد ثورة الشعب عام 2019. وعندما قاد البرهان الانقلاب العسكري عام 2021.

وختمت فيرغسون بالقول إنه “إذا كانت سياسة المملكة المتحدة هي بالفعل “تعظيم قدرتنا على اتخاذ إجراءات فعالة لمنع الفظائع والرد عليها”، فيجب اتخاذ إجراء شامل الآن. وإلا، فسيتعين علينا قبول أننا وقفنا لمدة 20 عاما بعد بدء الإبادة الجماعية في دارفور، ما يسمح لنفس الجناة بإكمال الجريمة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى