أخبار

حركة سودانية مسلحة تحاصر مقرا للشرطة في الخرطوم

الخرطوم ـ «القدس العربي» : في ظل أوضاع أمنية هشة يشهدها السودان، هاجمت مجموعة من قوات جبهة «تمازج» المسلحة، مقر شرطة، في العاصمة الخرطوم، وأخرجت عنوة عدداً من أعضائها الموقوفين، وسط إطلاق للأعيرة النارية في الهواء.
ووفق تقرير صدر الإثنين، لرئاسة شرطة الخرطوم، فإن قائد العمليات في منطقة الميرم في جبهة تمازج اللواء جقود ودادي (50 عاما) «شرع في قتل نقيب في الشرطة السودانية وتهديده ومعارضته أثناء تأدية واجبه الرسمي، وذلك جوار حديقة القرشي في الخرطوم» مشيرة إلى أنه وفقاً لذلك دون في مواجهته بلاغ، تم وضعه في السجن، وفق عريضة قدمت للنيابة بالخصوص.
وبينت أن الجنرال في الحركة كان مصابا في قدمه، وتلقى العلاج في المستشفى قبل أن يودع في الحراسة.
وأشار التقرير إلى أن مباحث الولاية ضبطت بحوزة عضو في الحركة، يدعى عبد القادر عثمان محمد شريف، مسدسا غير مرخص، ودونت في مواجهته بلاغ حيازة سلاح وذخيرة، لافتا إلى أن خمسة أعضاء آخرين في الحركة قاموا باعتراض ضابط شرطة أثناء تأدية واجبه الرسمي، وأنه بناء على ذلك دونت في مواجهة المتهمين بلاغات بالخصوص وفق القانون الجنائي السوداني.
ووفق التقرير، بعد القبض على أعضاء جبهة «تمازج» حضرت مجموعة من أفراد الحركة وضباطهم، تقدر بحوالى (50) شخصاً، وهم يحملون الأسلحة (مسدسات رشاشة وعادية، أسلحة بيضاء ـ بنادق قنص) على متن ما يقارب (10) سيارات» مشيرا إلى أنهم «تمركزوا شرق قسم الشرطة الشمالي، في الخرطوم، ودخل بعضهم مبنى القسم عنوة وقاموا بتهديد ضباط وأفراد القسم مطالبين بالإفراج عن منسوبي الحركة».
وأضاف البيان «ثم حضر أحد قادتهم يدعى اللواء أحمد قجه ـ حركة تمازج – قائد عمليات دارفور وهو يرتدي الزي الرسمي ومحاط بالأحجبة والذخائر والكفوف، حيث دخل مكتب رئيس القسم عنوة مهددا ومتوعدا بإطلاق منسوبيهم وقائدهم عنوة فتم القبض عليه بواسطة أفراد القسم واقتياده للخارج، وبعد خروجه حرض منسوبيه والتقط من أحدهم بندقية (كلاشنكوف) وأخذ بالصياح والوعيد والتهديد».
وبعد «إحاطة قوات الحركة لمبنى القسم، وجهت الشرطة كافة أفرادها بالتسليح واتخاذ مواقعهم لتأمين الحراسات، فيما ارتكزت قوة أخرى من أفراد القسم أعلى المبنى، حيث تم توجيههم بعدم إطلاق الأعيرة النارية إلا بموجب توجيهات من القيادة وبعد الضرورة القصوى».
وعقب «خروج منسوبيهم من القسم، أطلق أعضاء الحركة أعيرة نارية في الهواء بصورة همجية وعشوائية، مع الهتاف والصياح كأنما حققوا بذلك نصرا، وفق بيان الشرطة، الذي شدد على أنه «لولا ضبط النفس والتعامل بترو وحكمة مع الأمر، لحدثت كارثة حقيقية».
وأضاف: «منسوبو الحركة مارسوا جميع أنواع الاستفزازات اللفظية والفعلية وتصويب فوهات أسلحتهم نحو مبنى القسم، الأمر الذي أغضب أفراد القسم، إلا أن الضباط عملوا على كبح جماح غضبهم».
في المقابل، قالت جبهة «تمازج» إنها «مستهدفة» متهمة شرطة مكافحة السيارات بـ «ضرب وكسر ساق أحد قيادات الحركة» مطالبة جميع منسوبيها في ولايات السودان المختلفة بـ«ضرورة أخذ الحيطة والحذر» من تصرفات الشرطة.
وأدانت في بيان، ما حدث ووصفته بـ «السلوك الممنهج والبربري في مواجهة منسوبيها من قبل الشرطة» معتبرة ذلك «استهدافا واضحا لاتفاق السلام الموقع بين الحكومة الانتقالية ومجموعة من الحركات المسلحة في العاصمة الجنوب سودانية جوبا، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020».
ومقابل رواية الشرطة، قالت الحركة في روايتها عن الحادثة، إن «الجنرال جقود ذهب إلى مقر شرطة مكافحة السيارات في الخرطوم، وذلك لغرض تقصي الحقائق حول ملابسات حجز سيارة تابعة للحركة. في بداية الأمر طلبت الشرطة أن تقف الحراسات المرافقة للقيادي في الحركة خارج مقرها حتى تتجاوب معه وقد استجاب لذلك، وأمر حراساته بالوقوف خارج المقر»
لكن «بعد خروج الحراسات وفي غفلة اعتدت عليه مجموعة من أفراد الشرطة بالضرب المبرح حتى كسرت رجله»اليمنى، وقاموا أيضاً بالاعتداء على حراساته الشخصية، وأنهم أصيبوا إصابات خطيرة».
وذكرت أن «ذلك تم في مشهد لا يشبه سلوكيات قوات الشرطة المنوط بها حفظ الأمن وصون القانون».
وحذرت الحركة الشرطة من مغبة استهدافها «من خلال اعتراض منسوبيها العسكريين» مؤكدة أن ذلك يتم «بصورة لا تمثل القانون في أبسط صوره».
وحملت الحركة الشرطة «المسؤولية الكاملة إذا لم تستقر الحالة الصحية للجنرال المصاب وبقية أفراد حراسته».
وقالت إنها «تراقب تحركات الشرطة واستهدافها للحركة طيلة الفترة السابقة» وأكدت استعدادها لكافة السيناريوهات المتوقعة، مشيرة إلى إنها «ستشرع في تحريك بلاغات جنائية ضد أفراد شرطة مكافحة السيارات الذين اعتدوا على الجنرال، ولن يهدأ لها بال حتى تجد العدالة تأخذ مجراها الحقيقي» وفق البيان.
وجبهة «تمازج» من الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا، والذي نص على ترتيبات أمنية شملت عمليات دمج وتسريح لقوات الحركات في القوات النظامية، الأمر الذي تعثر تنفيذه، على الرغم من مضي أكثر من عامين على توقيع الاتفاق.
وتعيش البلاد حالة من عدم الاستقرار الأمني، في ظل تعدد الجيوش والحركات المسلحة، بينما شهدت ولايات عديدة عمليات تجنيد مكثفة لا تزال مستمرة.
وعلى الرغم من أن اتفاق السلام نص على أن تتم عمليات دمج الجيوش خارج المدن، إلا أنه بعد أشهر قليلة من توقيعه، دخل العديد من قوات الحركات إلى العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، الأمر الذي أثار مخاوف المواطنين.
يأتي ذلك في وقت تواجه الشرطة كذلك اتهامات بالاعتداء على التظاهرات، ضمن قوات نظامية أخرى، الأمر الذي أدى الى سقوط أكثر من 125 قتيلا و6000 جريح، منذ انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
وتشهد البلاد حواراً بين الأطراف المدنية والعسكرية، وفق عملية سياسية، تأسست على الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نصت على تسليم السلطة للمدنيين وعودة العسكر للثكنات، فضلا عن الإصلاح الأمني والعسكري وبناء جيش موحد.
وينتظر أن تنعقد خلال الأيام المقبلة الورشة الخاصة بالإصلاح الأمني والعسكري والتي وضعها الاتفاق الإطاري ضمن 5 قضايا أساسية تناقشها المرحلة النهائية من العملية السياسية، شملت تفكيك النظام السابق وتقييم اتفاق السلام ووضع خريطة طريق لحل أزمة شرق السودان، والتي اكتملت أعمالها، بينما لا تزال الورشة الخاصة بالعدالة والعدالة الانتقالية والتي بدأت السبت الماضي، منعقدة في ولايات السودان المختلفة تمهيدا لختامها بمؤتمر عام بالخرطوم. وستناقش ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، ووضعية تعدد الجيوش في البلاد وعمليات الدمج والتسريح لقوات الحركات المسلحة وفق اتفاق السلام، فضلا عن دمج الدعم السريع في الجيش وهيكلة قيادة المؤسسة العسكرية.
ومن المنتظر أن تصل كذلك لرؤية لإصلاح القوات النظامية بما يشمل قوات الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى